أكل الذئب نعجته فخاف من بطش أبيه وغادر القرية ..قصة نجاح من راعي أغنام فقير إلى أكبر رجال الأعمال
رصد بالعربي – متابعات
أكل الذئب نعجته فخاف من بطش أبيه وغادر القرية ..قصة نجاح من راعي أغنام فقير إلى أكبر رجال الأعمال
الحياة مليئة بالتحديات والصراعات ، ويجب على الناس أن يتحملوا الطريق ومصاعب الحياة ، وعليهم أن يطلبوا مساعدة الله ، ويعملوا بجد لتحقيق رغباتهم في الحياة ، ويعيشوا حياة كريمة. عش من خلال الاستفادة القصوى من وقته.
من قصص الكفاح والتحدي المغاربية الذي رأى بطله “ميلود الشعبي” النور عام 1930 في بيئة فقيرة وشعبية في مدينة الصوير حيث عاش البساطة والفقر والحرمان.
وانطلق في طريق التحديات وعاش سبعين عاما ، كانت سنة مزدهرة مليئة بالتضحيات والجهود والنضالات ، سنوات مليئة بالتحديات والمصاعب وتحديات انتصارات وهزائم عديدة.
بسبب المشاكل الاقتصادية والاحتلال الفرنسي ، كان من المستحيل على ميلود أن يتلقى تعليمًا رسميًا جيدًا في مثل هذه البيئة البسيطة ، ناهيك عن أنه جاء من عائلة لا يمكن وصفها بأنها ثرية بأي حال من الأحوال. الحل الوحيد لتعليم هذا الطفل في مثل هذه البيئة هو أن يتعلم في مسجد في قرية صغيرة.
أطفال يرعون الماعز والأغنام
تبدأ القصة بأكل الذئب البقرة:
في طفولته، بدأ ميلود حياته العملية في رعي الأغنام في بلدته. وعندما كبر قليلا وشارف المراهقة كان لتلك الظروف القاسية التي عاشها “الشعبي” وأسرته، أثر على تكوين شخصية والده، التي اتسمت بالقسوة والشدة، لدرجة أن “ميلود الشعبي”
وهو لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره، وذات مرة وخوفا من بطش والده، قرر ألا يعود إلى المنزل بعد أن افترس الذئب نعجة من أغنامه.
لم يكن امام الشاب الصغير الا الذهاب إلى اقرب مدينة في المغرب ليستقر بها ويبحث عن فرص عمل جيدة، فانتقل إلى مراكش وقضى فيه بعض الوقت، إلا أنه لم يكلل بالنجاح. لم يعثر ميلود على وظيفة جيدة في هذه المدينة، فاضطر الى المغادرة مرة أخرى ليحط الرحال به في مدينة القنيطرة.
في القنيطرة، بدأ ميلود عمله بأجر يومي شديد التواضع، حيث عمل كعامل بناء. في الحقيقة ان عمله هذا مع بساطته، الا انه جذب انتباهه بشكل كبير، وشعر بشكل أو بآخر بالشغف الشديد بمجال البناء، وهو الشاب الذي جاء من خلفية زراعية ورعوية كاملة.
رجل الاعمال يستيقظ
مع فهمه لتفاصيل كثيرة في مجال البناء والتشييد، بدأ ميلود ببعض المدخرات السيطة في اطلاق شركة مقاولات صغيرة محدودة للغاية في العام 1948 وهو لم يكمل العشرين من العمر، باتلعاون مع شركاء آخرين صغار استثمروا معه في هذه الشركة.
كانت هذه هي الضربة الاولى التي جعلت الشاب يدخل في عالم البيزنس، لييفهم كل شيء عن عالم العقارات والتشييد، والذي استمر اكثر من 15 عاماً، اكتسب فيها ميلود – الذي سُمي بميلود الشعبي نسبة الى بلدته – كل الخبرات في عالم الاعمال.
في العام 1964، أطلق ميلود مغامرته التجارية الجديدة، وهي تأسيس مصنع صغير للسيراميك والخزف. كانت هذه مرحلة تكميلية لما بدأه لإنشاء شركة البناء الخاصة به، ولتكمّل اعماله في هذا التخصص.
اربعة سنوات اخرى مضت، وبحلول العام 1968، كانت شركته للسيراميك ” سوبر كريمي ” بدأت في التصدير خارج المغرب لبعض الدول العربية والافريقية المجاورة.
النمو في السوق المغربي
مع توسع اعمال ميلود، وبدء ظهوره كرجل اعمال واعد في المغرب وشمال افريقيا، بدأ رجل الاعمال الطموح في التركيز على المساهمة والشراكة والاستحواذ مع بعض الشركات الفرنسية الكبيرة التي كانت تنشط في المغرب وشمال افريقيا في ذلك الوقت ، وتهمين على السوق بشكل كامل تقريباً.
في منتصف الثمانينيات، وبعد رحلة طويلة في المنافسة بين ميلود وشركة دولبو ديماتيت الفرنسية لتجهيزات الري الزراعي ومواد البناء ، استحوذ ميلود على الشركة الفرنسية، واعتبر نصراً كبيراً لرجل الأعمال المغربي في الاستحواذ على واحدة من كبار الشركات المنافسة له.
لاحقاً، أسس ميلود الشعبي مجموعة ” يينا ” القابضة، والتي كانت بداية تحول ميلود الشعبي الى رجل اعمال كبير في أسواق مختلفة، وليس فقط في سوق البناء وكمالياته ومعداته.
امبراطورية الشعبي
مع تأسيس مجموعة يتتا القابضة، بدأ ميلود التحرك بشكل واسع في اسواق مختلفة، فأسس في العام 1992 شركة للتغليف والكارتون، ثم شركة للاجهزة الكهربائية والكابلات، ثم اقتنص صفقة لصناعة البتروكيماويات ، وأيضا اطلق سلسلة من المتاجر والمولات التجارية بإسم ( اسواق السلام ).
كما اسست مجموعة يينا القابضة برئاسة ميلود الشعبي سلسلة فنادق فخمة اسمها ” رياض موغادور ” تقدم ارقى الخدمات الفندقية، مشترطاً عدم تقديم الخمور والمشروبات الكحولية فيها، وذلك في العام 1999.
دخول عالم السياسة
بقدوم الألفية الجديدة، وفي العام 2002 كثف ميلود الشعبي نشاطه السياسي بحجز بمقعد في البرلمان المغربي ، ثم فاز به مرة اخرى في العام 2007 ممثلاً عن مدينة الصويرة، واستمر في البرلمان المغربي حتى العام 2014 عندما تنازل عن ادواره السياسية بسبب حالته الصحية.
وفي العام 2016، رحل ميلود الشعبي عن الحياة بعمر يناهز السادسة والثمانين، في رحلة استمرت أكثر من 70 عاماً بدأها كراعي غنم ، ثم عامل بناء ، وانتهت به كواحد من أهم وأبرز رجال الأعمال العصاميين في المغرب، بثروة قدرت حين وفاته بأصول تقارب المليار دولار ، ومؤسس لعدد من أقوى الكيانات الإقتصادية التي تحتوي على عشرات العلامات التجارية وآلاف الموظفين.
وكالات