قصة الشاب التركي الذي خدع 80 ألف شخص بأغرب خطة نصب قد نسمعها
تركيا رصد // منوعات
قصة الشاب التركي الذي خدع 80 ألف شخص بأغرب خطة نصب قد نسمعها
لو سألناكم ما هي أغرب قصة احتيال قد أتت على مسامعكم في هذا العمر؟ قد تترددون قليلًا بالإجابة وتفكرون طويلًا،
لكن بعد سماع قصة الداهية المحتال “محمد آيدن” الملقب بـ “توسونجوك” لن تكون الإجابة على هذا السؤال محل تردد بالنسبة لأحد منا…
سنبدأ القصة من نهايتها… قبل بضع أشهر، أسدل الستار على واحدة من أغرب قصص الاحتيال المنظم في العالم،
بعد استسلام الشاب التركي “محمد آيدين”، للقنصلية التركية في مدينة “ساوباولو” البرازيلية، حيث استسلم بعد رحلة طويلة وعبر عن استعداده للمثول أمام القضاء التركي.
قبل ذلك، كان “توسونجوك” مطلوباً للإنتربول منذ فترة طويلة، لاتهامه باختلاس أموال تُقدر بحوالي 100 مليون دولار أميركي، جمعها من قرابة 80 ألف مواطن تركي،
من المساهمين في “بنك تشيفتليك” الافتراضي، الذي كان قد أسسه “آيدن”، ويبيع عبره المنتجات الحيوانية والزراعية بشكل افتراضي.
بداياته في مجال الاحتيال:
تعود القصة إلى عام 2016، عندما أسس “توسونجوك” بنك افتراضياً تحت مسمى “بنك تشيفتليك”، وكان يبلغ من العُمر وقتئذ فقط 27 عاماً، وهو من مدينة بورصة التركية قرب مدينة إسطنبول.
وقبل ذلك، كان يعمل في مدينة إسطنبول كمغني لـ “موسيقا الراب” الشعبية، لكنه أسس البنك الذي استمد فكرته من ألعاب وسائل التواصل الاجتماعي… قد يكون تأثر كثيرًا بالمزرعة السعيدة استنادًا إلى تاريخ التأسيس
البنك المذكور كان يسمح للمساهمين فيه بشراء البيض واللحوم والخراف والأبقار والماعز، لكن بشكل افتراضي، بحيث يكون لكل مساهم ما يشبه الحظيرة الافتراضية التي يستطيع عبرها جمع وإعادة بيع ما يمتلكه،
لكن البنك كان يمنح المساهمين أرباحاً خيالية جراء مساهماتهم المالية تلك، تصل إلى أكثر من 25 بالمئة في العام الواحد.
نجاح صارخ وانهيار سريع:
حاز بنك ” تشيفتلتك” على شعبية هائلة خلال 6 أشهر من تكوينه، بحيث صار قرابة نصف ميلون مستثمر يشاركون في أسهم البنك.
ولم تكن هذه الشعبية بلا سبب، لكنها نتيجة أن البنك كان يقد حوافز “حقيقية” مباشرة خلال الفترة الأولى تلك، حتى أنه قد أدر أرابحاً في فترة ذروة صعوده تُقدر بحوالي 120 بالمئة من عمليات التداول.
لكن البنك كان يفرض في الوقت ذاته قيوداً زمنية غريبة ولا معنى لها على إمكانية إعادة البيع، مدعيًا أنها العمر الافتراضي للمادة التي يتم شراءها،
بحيث لا يُمكن بيع الخروف قبل مرور عام على شرائه والماعز بعد مرور سنتين واللحوم بعد ستة أشهر، وهكذا.
وبعد قرابة سنة من ذروة شعبية البنك الافتراضي، تراجعت قدرته على دفع الأموال للمستثمرين الراغبين بالتخلي عن ممتلكاتهم الافتراضية
مما دفع المزيد من المساهمين للإسراع في عمليات البيع. لكن وكما يقول المثل “من ضرب ضرب ومن هرب هرب”… فقد كان “توسونجوك” حينها يعمل بالفعل على تحويل مزيد من الأموال إلى حسابات خارجية مرتبطة به.
وفجأة، بدون سابق إنذار، اختفى “توسونجوك” عن الأنظار، ومعه تلاشى 1.3 مليار ليرة تركيا من أموال المودعين (حوالي 200 مليون دولار أميركي)، كانوا أموالاً استثمارية لقرابة 80 ألف مودع.
وبعد جهود ومساعي حثيثة، استطاع الادعاء العام التركي استعادة قرابة نصف المبلغ فقط، من خلال القبض على 18 من المدراء التنفيذيين للبنك، والاستيلاء على أموالهم.
مرحلة الاختباء:
طوال السنوات التي توارى فيها “توسونجوك”، تداول الكثيرون في تركيا روايات عدة حول مكان وجوده، ومن بينها الولايات المُتحدة وأوروغواي والبرازيل وجمهورية قبرص.
ومما أثار حنق المستثمرين الذين خسروا أموالهم، أن منصات إعلامية نشرت صوراً له وهو يعيش حياة مرفهة للغاية على شواطئ وفي فلل فاخرة.
في تصريحات إعلامية رداً على الاتهامات التي تطال موكله، رفض “شيخموس أولتوش” محامي الدفاع عن “توسونجوك” التهم التي تواجهه
، مؤكداً بأنه لم يكن يتقصد الاحتيال وإيذاء المودعين، بل أن مؤسسته الاقتصادية عانت الفشل جراء الظروف العامة للبلاد.
لكن كثيرين رفضوا هذه الفرضية، معتبرين أن “توسونجوك” استسلم للسلطات الرسمية فقط بعد تأكده من أن جهاز الإنتربول الدولي صار قريباً منه وقادراً على القبض عليه.
في الواقع إن عمليات الاحتيال ليست غريبة على المجتمع التركي، لكن الغريب في قصة “توسونجوك” هو عمره الصغير، وأعمار المتعاونين معه،
بحيث لم يكن أي واحد منهم قد تجاوز الثلاثين من أعمارهم. كذلك، فإن نوعية الضحايا كانت الأوسع في تاريخ عمليات الاحتيال في تاريخ البلاد.
الطريف في الأمر أنه سبق أن أعلن اعتزامه إطلاق عملة معدنية ستنافس عملة البيتكوين، وذلك في ذروة شهرته،
فيبدو أنه كان يخطط حينها لتوسيع عملية الاحتيال الخاصة به إلى مستوى عالمي، لكن سارت الرياح بما لم تشته السفن.