أمريكا تقوم خلسة بعمليات حفر في مدينة عربية ليلا ونهارا ومصدر يكشف عن أمر غفل عنه سكانها!
موقع أثري.. أمريكا تقوم خلسة بعمليات حفر في مدينة عربية ليلا ونهارا ومصدر يكشف عن أمر غفل عنه سكانها!
يواصل عناصر القوات الأمريكية في مدينة منبج السورية عمليات الحفر ليلا ونهارا مستخدمين بذلك معاول يدوية وجرافات آلية بحثا عما تكتنزه المدينة من كنوز أثرية.
وتعد مدينة منبج من المدن القديمة في سوريا ويعود تاريخ وجودها إلى أكثر من 4 آلاف عام وتقع على بعد 80 كيلومتر شمال شرق مدينة حلب.
وأكد مصدر محلي لـ”زمان الوصل” أن عناصر القوات الأمريكية في مدينة “منبج” تواصل عمليات الحفر ليل نهار بمعاول يدوية وجرافات آلية،
من أجل العثور على اللقى والكنوز الأثرية الدفينة التي تزخر بها إضافة إلى الكثير من المواقع والأماكن في سوريا.
وأشارت المصادر إلى أن أماكن الحفر والسرقة تتوزع في جبل “أم السرج”، الغني بمحتوياته الأثرية، وعلى كم هائل من الكنوز الأثرية،
ومنها القلعة وسور المدينة، كما تجري عمليات الحفر والنهب والسرقة علانية، وفي وضح النهار، في سوق “منبج” الرئيسي القديم.
وكشف “زمان الوصل” عن التخريب الذي لحق بمركز الكنيسة السريانية الأثرية وبعض المدافن الأثرية في شرق المدينة،
ومواقع أثرية أخرى تعرضت للتجريف الكامل بواسطة آليات ثقيلة، بهدف السرقة، كما كثرت في فترة سيطرة تنظيم “داعش”، عمليات التنقيب غير العلمية، وغير المهنية،
كون التنظيم شجع بعض تجار الآثار المشبوهين، عبر تسهيلات قدمت لهم بقصد الحصول على نسبة من عوائد المسروقات.
كما أوضحت المصادر أن القوات الأمريكية تبحث في أماكن أخرى، وتشتمل على معظم المواقع الأثرية التي تضم الكثير من اللقى الأثرية،
وتكتنز مصاغات من الذهب الذي يدفع لقاء الحصول عليه ملايين الليرات السورية من أجل الفوز بها،
لا سيما أن أغلب الأماكن والمواقع الأثرية السورية تحتوي على الكثير من هذه التحف التي يجري البحث عنها،
وباستمرار، من أجل بيعها إلى تجار الآثار وعرضها في متاحف عالمية.
عُرفت مدينة منبج واشتهرت عبر التاريخ لمكانتها ودورها المميز في الكثير من العصور،
حيث كانت مركزاً دينياً وعسكرياً وتجارياً وزراعياً معروفاً.
أين تقع مدينة منبج
تقع منبج إلى الغرب من نهر الفرات بـ “30كم” والشمال الشرقي من مدينة حلب عاصمة سوريا الاقتصادية وكبرى مدن الشمال السوري،
وتبعد عنها ما يقارب الـ “80 كم”، فيما تبعد عن الحدود التركية السورية مسافة “30 كم”، وترتفع عن سطح البحر حوالي “470م”.
وعلى أرض شبه سهلية تنحدر نحو نهر الفرات شرقاً والساجور شمالاً، فتتربّع بخيلاء في موقع استراتيجي تتفرّد به،
لتكون كواسطة العقد في ملتقى طرق التجارة والزراعة، وصلة الوصل بين مدن شرق وغرب الفرات،
إضافة إلى تاريخها الموغل في القدم، والذي تحكي عنه ما يكشف فيها من آثار وأوابد تاريخية تظهر كل يوم.
التسمية والأهمية التاريخية للمدينة وآثارها:
اختلف الباحثين في التاريخ في أصل التسمية وتاريخ بناء ال” موقع أثري”، فمنهم من قال إنّها تعود في بنائها وتسميتها إلى كسرى
، الذي بناها وأطلق عليها اسم “مَنْ بِه” وحُرّفت فيما بعد إلى “مَنْبِج” بفتح الميم وتسكين النون وكسر الباء،
ومنهم من يقول إنّ الاسم الحالي مشتقّ من كلمة مبوغ “في اللغة الحثية” ثم “نامبيجي” بالآشورية و”نابيجو” بالآرامية،
ومنهم من يقول إنّها تعود لأصل الكلمة السريانية “نابوج” لأنّها كانت تحتضن نبعاً غزيراً من الماء كان يعرف بـ “نبع الروم”.
أما أهمية المدينة عبر التاريخ، فقد كانت مَنبج تلعب دوراً كبيراً دينياً، فكانت عاصمة الآراميين،
وفيها شُيّد هيكل لإله العواصف “حدد” وكذلك تمثال لآلهة المياه “أتاركانين”،
وكذلك كان لها دور عسكري، فكانت تارة قاعدة للجيش الروماني، وتارة قاعدة ومنطلقا للجيوش الإسلامية،
ومنطلقا للجيوش نحو بلاد الروم، وكانت شاهدة على سجالات عسكرية بين العرب والروم البيزنطيين.
وما زالت بقايا الأسوار الرومانية والبيزنطية تحكي قصص الفتوحات والمعارك والانتصارات المتبادلة،
كما إنّ المدينة عرفت كمركزٍ تجاري اقتصاديّ، وانتعشت فيها صناعة الحرير الطبيعي الذي كان يعتمد على تربية دودة القزّ،
حتى أواسط القرن الثالث عشر، بالإضافة إلى زراعتها للأشجار المثمرة والحبوب والخضار،
مما جعلها من المراكز البشرية الهامة التي انتعشت فيها الحياة بكافة جوانبها على الدوام.
أما موقع أثري في منبج فإنّها لا تكاد تحصى، وما زالت في كلّ يوم تُخرج لنا من ذخرها الدفين ما يحكي قصصاً عن تاريخ غابر وحضارات عديدة،
ولعلّ أبرز المواقع الأثرية على سبيل المثال لا الحصر هي: “القلعة، المدافن الغربية، تل عرب حسن، خربة ألاباش، تل أحمر،
جعدة المغارة، تل العبر، تل أبو قلقل، جبل خالد، قلعة نجم، تل شيوخ تحتاني، وتل شيوخ فوقاني، ديرقنشرة، صرين،
تل حالولة، شاش حمدان، قلعة أم السرج، قلعة الحلونجي، موقع النبغة، تل الرفيع، تل خميس، تل الزنقل، تل الياسطي، الشقلة، الهوشرية”.
أوابد أثرية ومكتشفات جديدة تسرد قصص الحضارة:
إلى جانب الكمّ الهائل من المواقع الأثرية الهامّة والنادرة، ما زالت الاكتشافات تتوالى في كلّ يوم وبعضها يكون دون قصد،
جراء عمليات البناء أو الفلاحة أو دفن الموتى، وكأنّ المدينة تحوي في أحضانها من الحضارات أكثر مما فوقها،
وتخبّئ أكثر مما تفصح عنه من تاريخ مشرق ومشرّف.
مؤخراً وبعد تحرير المدينة من تنظيم داعش، كانت المعابد والمدافن التي اكتشفت في جنوب شرق المدينة،
فيما يعرف بمنطقة “المطاحن” محط أنظار واهتمام لجنة الثقافة والفن،
والتي تتولى مهام حماية الآثار أيضا في الإدارة المدنية في منبج خلال شهر آب من العام المنصرم.
بالتوجه إلى الموقع برفقة قسم الآثار في لجنة الثقافة بالمدينة كانت الرؤية الحقيقية والمباشرة خير رواية وأفضل شاهد،
وكان لوجود أكاديمي في الآثار ضمن اللجنة فرصة ليحدثنا عن الموقع وتاريخه وما يعنيه وبخاصة أن الموقع اكتشف حديثاً،
والأكاديمي عبدالوهاب شيخو هو بذات الوقت رئيس شعبة التنقيب في دائرة الآثار وتحدّث بالتفصيل عن الموقع:
“تم اكتشاف الموقع بعد معلومات من أهالي المنطقة بوجود مدخل بشكل سرداب سفلي، يؤدي إلى نفق في منطقة المطاحن،
اقرأ أيضاً: ستقلب التاريخ رأساً على عقب.. اكتشاف كنوز أثرية في دولة عربية تعود إلى 2700 عاماً
وعند الوصول للمكان الذي يقع ضمن منطقة سكنية في الطرف الجنوبي الشرقي للمدينة، ومن خلال درج حجري يمكن النزول إلى قلب الموقع،
الذي يعتبر مدفناً ومعبداً في ذات الوقت ويعود تاريخه المعروف الآن إلى مرحلة الدعوة السريّة للديانة المسيحية،
وكان المبشرون يلجؤون إلية للتعبد والاختباء، أي حوالي عام325م”.
وأضاف عبدالوهاب: “المكان كان مكتشفاً منذ عام 2011م، ولكنّه كان مهمّشاً، وبعد انطلاق الثورة السورية،
وما شهدته المنطقة من نزاعات عسكرية خضعت لسيطرة الجيش الحر، ومن ثم إلى سيطرة داعش على المنطقة ومنها هذه المدافن،
وأخبرنا بعض المواطنين بوجود مداخل ودهاليز تؤدي إلى موقع أثري ترزح تحت أطنان من القمامة والنفايات،
وبعد أن قصدنا الموقع رأينا إنّه تعرض لنهب كامل وتخريب متعمّد وتنقيب عشوائي، وكان تنظيم داعش هو المسيطر على المدينة برمتها”.