اكتشاف نوع نادر من الماس يكشف أسرار بيئة مائية غنية في أعماق الأرض
العثور على نوع نادر من الماس يكشف أسرار بيئة غنية بالمياه في باطن الأرض
كشف فريق من العلماء أن نوعا نادرا من الماس قد يشير إلى أن الماء يمكن أن يتغلغل في باطن الأرض بشكل أعمق مما كانوا يعتقدون سابقا.
ورغم أن أكثر من 70% من كوكبنا مغطى بالمياه، إلا أن هناك مياها تحتوي على معادن أكثر من 322 كيلومترا تحت الأرض، بما في ذلك الوشاح العلوي، أكثر المناطق تأثرا بالنشاط التكتوني، وهي الطبقة شبه المرنة التي “تطفو” القشرة فوقها.
ولطالما اعتقد العلماء أنه مع انتقال الوشاح العلوي إلى الوشاح السفلي الأكثر سخونة وكثافة، يمكن أن تحتوي المعادن على كمية أقل من الماء.
ولكن في الدراسة الجديدة، التي نُشرت في 26 سبتمبر في مجلة Nature Geoscience، وجد العلماء أن الماس يحتوي على شوائب، أو أجزاء صغيرة من معادن أخرى، ويمكن أن تحتوي على المزيد من الماء ويبدو أنها كانت موجودة على الحدود بين الوشاح العلوي والسفلي.
وتشير النتائج إلى أنه قد يكون هناك مياه أعمق في الأرض أكثر مما اعتقد العلماء سابقا، ما قد يؤثر على فهمنا لدورة المياه العميقة وتكتونية الصفائح.
وكانت النتائج غير متوقعة، وفقا للمؤلفة الرئيسية للدراسة، تينغتينغ جو، والتي تعمل حاليا فيزيائية للمعادن بجامعة بوردو في إنديانا، ولكنها كانت باحثة في معهد الأحجار الكريمة بأمريكا في مدينة نيويورك أثناء إجراء الدراسة.
وفحصت جو وزملاؤها الماس من النوع IaB، وهو نوع نادر من الماس من منجم Karowe في بوتسوانا، والذي يتكون في أعماق الأرض وغالبا ما يكون في الأرض لفترة طويلة.
ولدراسة الماس، استخدم الفريق أشكال التحليل “غير المدمرة”، بما في ذلك التحليل الطيفي الدقيق لرامان، والذي يستخدم الليزر للكشف عن بعض الخصائص الفيزيائية للمادة، وانحراف الأشعة السينية للنظر في البنية الداخلية للماس دون قطعه.
والماس الذي اكتشف مؤخرا في منجم الماس في بوتسوانا هو حجر مليء بالشوائب التي تحتوي على آثار من “الرينغوودايت” (ringwoodite )، و”فيروبيركليز” (ferropericlase)، و”الإنستاتيت” (enstatite)، وغيرها من المعادن التي تشير إلى أن الماس تشكل على بعد 660 كيلومترا (410 أميال) تحت سطح الأرض.
وداخل شوائب الماس، وجد العلماء معدنا يسمى الرينغوودايت” (ringwoodite)، والذي له نفس التركيب الكيميائي للزبرجد الزيتوني، وهو المادة الأولية للوشاح العلوي ولكنه يتشكل تحت درجة حرارة وضغط شديدين لدرجة أن العلماء لم يعثروا عليه حتى عام 2008 فقط، في عينة نيزك، وفقا لجو.
ويوجد الرينغوودايت عادة في المنطقة الانتقالية بين الوشاح العلوي والسفلي، على مسافة تتراوح بين 410 إلى 660 كم (255 و410 ميلا) تحت سطح الأرض، ويمكن أن تحتوي على كمية من الماء أكثر بكثير من معادن “البريدغمانيت” و”الفيروبيركليز”، والتي يُعتقد أنها تهيمن على الجزء السفلي من الوشاح (العباءة)، بحسبما لاحظه مؤلفو الدراسة.
ولكن بدلا من المعادن التي توجد عادة في المنطقة الانتقالية، كانت المنطقة المحيطة بهذا “الرينغوودايت” عبارة عن أشكال من المعادن النموذجية في الوشاح السفلي.
ونظرا لأن الماس المغلف يحافظ على خصائص هذه المعادن كما ظهرت في أعماق الأرض، يمكن للعلماء العثور على درجات الحرارة التي تحملتها هذه المعادن والضغوط التي كانت تحتها، وقدروا عمق المعادن بنحو 660 كم (410 أميال) تحت السطح، بالقرب من الحدود الخارجية للمنطقة الانتقالية.
وكشف التحليل كذلك أن “الرينغووديت” كان على الأرجح في طور الانهيار إلى معادن الوشاح السفلي الأكثر نموذجية في بيئة مائية أو مشبعة بالماء، ما يشير إلى أن الماء قد يخترق من منطقة الانتقال إلى الوشاح السفلي.
ولاحظ العلماء أنه على الرغم من أن الأبحاث السابقة وجدت بعض أشكال المعادن من الوشاح السفلي في شوائب الألماس، إلا أن مزيج المواد في هذا التضمين فريد من نوعه.
وقال مؤلفو الدراسة إنه لم يتضح أيضا من النتائج السابقة ما إذا كانت هذه المعادن تشير إلى وجود معادن تحتوي على الماء في الوشاح السفلي. ونظرا لعدم قيام أي شخص بأخذ عينات مباشرة من الصخور على عمق يزيد عن 11 كم (7 أميال) تحت سطح الأرض، فإن شوائب الماس هي أحد المصادر القليلة للمعادن من وشاح الأرض.
وكشفت جو أن النتائج قد يكون لها آثار على فهم دورة المياه العميقة، أو دورة المياه بين سطح الكوكب والباطن العميق.
وأضافت: “إن النطاق الزمني لدورة المياه هو في الواقع أقصر بكثير إذا كان من الممكن تخزينها في مكان أعمق”، ما يعني أن المياه سوف تستغرق وقتا أقل لتجدد نفسها إذا تم تخزينها في أعماق الأرض.
وقد تؤثر النتائج أيضا على نماذج الصفائح التكتونية، حيث أشارت جو إلى أنها تأمل في أن يتمكن العلماء من دمج نتائج هذه الدراسة في نماذج لكيفية تأثير الماء في الوشاح على عمليات مثل تيار الحمل الداخلي للأرض. ويعمل هذا التيار على تغذية الصفائح التكتونية عن طريق تسخين غطاء الأرض بشكل غير متساو، ما يتسبب في ارتفاع الأجزاء الأكثر سخونة وتحريك صفائح الأرض على مدى ملايين السنين.
المصدر: لايف ساينس