أخبارنا

قبل 36 عاما.. القصة من داخل السـ.ـجون الأسدية في سوريا وتحكى للمرة الأولى.. 6 سوريين نـ.ـفـ.ـذوا الخطة داخل السجـ.ـن ونجحوا بالـ.ـحـ.ـرية

متابعة

قبل 36 عاما.. القصة من داخل السـ.ـجون الأسدية في سوريا وتحكى للمرة الأولى.. 6 سوريين نـ.ـفـ.ـذوا الخطة داخل السجـ.ـن ونجحوا بالـ.ـحـ.ـرية

تنطـ.ـلق المجموعة الأولى لخلع قـ.ـضيبي الحـ.ـديد المقصوصين وتوسيع محيطهما، وتبدأ عمـ.ـلية الخروج من المهجع إلى ساحة مرآب سيارات فـ.ـر.ع المنطقة.

ألهبت قصة تحرّر الأسرى الفلسـ.ـطينيين الستة من سجـ.ـن جلبوع الإسـ.ـرائـ.ـيلي مشاعر الشارع العربي المتعطِّش إلى أية حـ.ـالة تحرّر

ولو كانت حـ.ـالات تحرُّر على المستوى الفردي في ظلِّ غياب بصيص النور في نهاية النفق المظلم الذي دخلت فيه جميع دول الربيع العربي، هذا البصيص الذي احتضنَ الأسرى الفلسـ.ـطينيين الستة.

قصة التحرّر من سجون الاحتـ.ـلال الإسـ.ـرائـ.ـيلي تعيدُ إلى الذاكرة قصة مشابهة تحرّرَ أبطالها من أحـ.ـد أقبية معتـ.ـقلات نظـ.ـام حافظ الأسد

في ظروف تتقاطع في بعض حيثياتها مع القصة الفلسـ.ـطينية الجديدة، إلا أن القصة السورية سبقتها بـ 37 عامًا ولم تتحـ.ـدث عنها وسائل الإعلام.

“الطليعة المقـ.ـاتـ.ـلة”.. لملمة الشتات ثم خيـ.ـانة واعتـ.ـقال جمـ.ـاعي
بعد مواجـ.ـهاته المتعددة مع نظـ.ـام حافظ الأسد نهاية السبعينيات ومطلع ثمانينيات القرن الماضي، يتعرّض تنـ.ـظيم “الطليعة المقـ.ـاتـ.ـلة”

(تنـ.ـظيم سوري مسـ.ـلح معـ.ـارض لنظـ.ـام حافظ الأسد) لعدة هزائم وهزات أدّت إلى تشتُّت البقية الناجية من أفراده في البلدان المجاورة لسوريا، بعد مقـ.ـتل واعتـ.ـقال عدد من قيـ.ـادييه وكوادره.

قيادة التنـ.ـظيم تقرر العودة إلى “مياديـ.ـن الجـ.ـهاد في سوريا”، وتجمع 57 عضوًا من الجمـ.ـاعة، وتعطيهم أوامر التحرُّك إلى الداخل السوري

اخترقت مخـ.ـابرات نظـ.ـام الأسد التنـ.ـظيم قبل ثلاث سنوات بواسطة أحـ.ـد عملائها الذي أعطاها المعلومات الكافية عن المقـ.ـاتـ.ـلين العائديـ.ـن، ما أدّى إلى اعتـ.ـقالهم تباعًا، وكان من أواخر المعتـ.ـقلـ.ـين “محمود حماد” الذي اعتـ.ـقل في سبتمبر/ أيلول 1983.

يتنقّل معتـ.ـقلو الطليعة في رحلة اعتـ.ـقالهم بين عدة مراكز أمـ.ـنية، من أحـ.ـد فروع الأمـ.ـن العسـ.ـكري في منطقة الجـ.ـمـ.ـارك في العاصمة د.مشق

ثم إلى سجـ.ـن مطار المزة العسـ.ـكري، لتحطَّ رحـ.ـالهم في المبنى الجديد التابع للأمـ.ـن العسـ.ـكري الذي بالكاد انتهى إنشاؤه خلف مبنى وزارة التعليم العالي في د.مشق، مبنى الفـ.ـر.ع 227 المسـ.ـمّى “فـ.ـر.ع المنطقة”

حيث ستبدأ إحـ.ـدى القصص الفريدة التي لم تشهد مثلها سوريا في ظلّ حكم نظـ.ـام آل الأسد.

“فـ.ـر.ع المنطقة”.. المبنى الجديد
محمود حماد، أبو أحمد، وهو أحـ.ـد 6 معتـ.ـقلـ.ـين نجحوا بانتزاع حريتـ.ـهـ.ـم من أفـ.ـر.ع نظـ.ـام الأسد الأمـ.ـنية والنجاة، ويقيم حـ.ـاليًّا في دولة أوروبية؛ يروي لـ”نون بوست” تفاصيل مثـ.ـيرة وغريبة لرواية الانـ.ـعـ.ـتاق الجمـ.ـاعي من “فـ.ـر.ع المنطقة” الأمـ.ـني بالعاصمة السورية بد.مشق

حيث ينقل جهاز الأمـ.ـن العسـ.ـكري ضـ.ـبّاطَ وعنـ.ـاصـ.ـرَ الفـ.ـر.ع رقم 227 “فـ.ـر.ع المنطقة” إلى مبناهم الجديد، وبالضرورة فإنه سينقل معهم معتـ.ـقلـ.ـي الفـ.ـر.ع أيضًا إلى المبنى الجديد.

23 معتـ.ـقلًا من مقـ.ـاتـ.ـلي الطليعة يتمَّ عزلهم في مهجع واحـ.ـد في الطابق الأرضي يعلوه سقفان، يفصل السقف الأول عن الثاني 6 فتحات تهـ.ـوية مفتوحة، ويفصل السقف الثاني عن العالم الخارجي جدار من القـ.ـضـ.ـبان الحـ.ـديدية

يؤدي من جهة إلى ممر داخلي في المبنى، ومن جهة أخرى إلى الساحة الخارجية التي يستعملها الفـ.ـر.ع كمرآب للسيارات.

الصدفة والفضول يقودان لفكرة
يستغل المعتـ.ـقلون فرصة دخولهم إلى الحمّامات للتواصل مع زملائهم المعتـ.ـقلـ.ـين في المهاجع الثانية من الفتحات فوق الحمّامات

أحـ.ـد المعتـ.ـقلـ.ـين وأثناء حـ.ـديثه مع أحـ.ـد زملائه يلْمح بفضوله شيئاً يلمع في كومة بالقرب من إحـ.ـدى هذه الفتحات، الكومة كانت من مخلفات مواد البناء في المبنى الذي لم تكن أعمال تشطيباته قد اكتملت

يسحـ.ـب بهدوء الجسـ.ـم اللامع ليكتشف أنه جزء صغير من منشار صدئ، أصبح خلال لحظات مفتاحاً لخطة الانـ.ـعـ.ـتاق من السجـ.ـن.

إقناع رفاق الزنزانة بأن هشام اختيار كـ.ـاذب
سرعان ما يتفق اثنان من المعتـ.ـقلـ.ـين على الهـ.ـروب بقصّ قـ.ـضـ.ـبان حـ.ـديدية اعتماداً على بقايا المنشار، إلا أن المهمة الأكثر صعوبة كانت إقناع 23 شخصًا بانتزاع حريتـ.ـهـ.ـم.

المشكلة تمثّلت في أن ضـ.ـباطاً كباراً في الفـ.ـر.ع أقنعوا بعض المعتـ.ـقلـ.ـين أن بقاءهم في الاعتـ.ـقال لن يدوم سوى عدة أشهر، وأن “السيد الرئيس” راضٍ عنهم لأنهم “لم يقبلوا التجنـ.ـيد من قبل دولٍ معـ.ـاديةٍ”.

أبرز الضـ.ـباط الذين لعبوا هذا الدور كان “هشام اختيار”، الذي يشغل آنذاك منصـ.ـب نائب رئيس فـ.ـر.ع المنطقة، والذي سيتدرج لاحقاً في الهرم الأمـ.ـني للنظـ.ـام ليصبح رئيساً لمكتب الأمـ.ـن القـ.ـوميـ.ـ، ويُقتَل في تفـ.ـجير خلية الأزمـ.ـة منتصف 2012.

بدأت مجموعة التخطيط للانـ.ـعـ.ـتاق تتوسع لتصبح خمسة أشخاص، كانوا ينشرون اثنين من قـ.ـضـ.ـبان الحـ.ـديد بسـ.ـرية عالية خـ.ـوفاً من عنـ.ـاصـ.ـر الفـ.ـر.ع ومن زملائهم غير المقتنعين بالهـ.ـرب، ليتناوبوا على نشر جزء بسيط من القـ.ـضـ.ـبان لا يتعدى يومياً ميلي مترين فقط بحسب ما تسـ.ـمح ظروف.

تستمر المناقشات ثلاثة شهور لتنتهي بإقناع من خضـ.ـعوا “لغسيل الد.ماغ” لانتزاع حريتـ.ـهـ.ـم، بالتوازي مع أعمال التحضير الجدي والاستعداد لساعة الصفر.

تحضيرات للمواجـ.ـهة بملاعق ومقصّ وزجاجة دواء!
بعد عمـ.ـليات رصد متعددة تتفق المجموعة على التوجه بعد قص القـ.ـضـ.ـبان إلى أحـ.ـد جدران ساحة السيارات، والقفز من فوقه إلى خارج الفـ.ـر.ع.

تحتاج الخطة إلى سـ.ـلحة في حـ.ـال اضطرارهم لمواجـ.ـهة عنـ.ـاصـ.ـر الـ.ـحـ.ـراسة، لذلك بدأ المعتـ.ـقلون بتصنيع أسلحتـ.ـهـ.ـم البدائية، التي كانت في النهاية: مسـ.ـدساً خشبياً صنعوه من خشب صندوق عنب أحضره ضـ.ـباط الفـ.ـر.ع للمعتـ.ـقلـ.ـين في عيد الأضـ.ـحى، إضافة إلى مقصٍّ وملاعق كبيرة تمّ تدبيب رؤوسها، وزجاجة دواء سكروها وربطوها بعصا.

عمـ.ـلية الانـ.ـعـ.ـتاق.. مفاجآت وخيبات
بُعيد عيد الأضـ.ـحى وفي الساعة الواحـ.ـدة من ليلة الخميس 13 أيلول/سبتمبر 1984، تنطـ.ـلق المجموعة الأولى لخلع قـ.ـضيبي الحـ.ـديد المقصوصين وتوسيع محيطهما، وتبدأ عمـ.ـلية الخروج من المهجع إلى ساحة مرآب سيارات فـ.ـر.ع المنطقة.

لم تكن عمـ.ـليات الرصد السابقة مجدية، لأن الواقع خارج المهجع كان مختلفاً تماماً عن تصورات الراصـ.ـد.يـ.ـن الذين لم يحصلوا على زوايا رؤية جيدة من داخل السجـ.ـن

ليتفاجأ الخارجون بأن الجدار الذي تقتضي الخطة القفز من فوقه كان يؤدي إلى حـ.ـديقة داخل الفـ.ـر.ع، لذلك وجدوا أن الحل الوحيد أمامهم مها.جمة البوابة الرئيسية لمرآب السيارات والخروج منه.

ما هي إلا لحظات حتى ها.جمهم حارس عسـ.ـكري اندفع نحوهم حـ.ـامـ.ـلاً بندقيّة روسيّة، فتشتبك معه مجموعة مؤلفة من ستة معتـ.ـقلـ.ـي

ما أتاح الفرصة لبقية الهاربين بالخروج من البوابة الرئيسية، ثم يتمكن الستة المشتبكون مع الحارس من سحـ.ـب البنـ.ـدقيـ.ـة منه ويتركوه جريحاً ويقفزون فوق جدار لم يكن موجوداً في خطة الهـ.ـرب أيضاً، ليكملوا طريقهم نحو المجـ.ـهول.

مصائر مأساوية وارتجال غير محسوب
المجموعة الهاربة الأولى والمؤلفة من 17 شخصاً، لم يتمكن أفرادها من الفرار خارج المنطقة حيث تم اعتـ.ـقالهم جميعاً عدا شخص واحـ.ـد

استطاع لاحقاً الوصول إلى مديـ.ـنة طرابلس اللبنانية، لينضم إلى حـ.ـركة التوحيد الإسـ.ـلامي ويُقتَل في إحـ.ـدى معـ.ـاركها في مواجـ.ـهة جيـ.ـش الأسد.

أما المجموعة الثانية فقد أصبحت بعد القفز من أول جدار داخل مبنى يتبع للجيـ.ـش، تبيّن فيما بعد أنه مبنى القـ.ـضاء العسـ.ـكري، وقفز الستة فوق أربعة جدران متتابعة ليجدوا أنفسهم على أوتوستراد المزة، دون خطة واضـ.ـحة للعبور خارج سوريا.

بعد القبـ.ـض على أفراد المجموعة الأولى أعيدوا بدايةً إلى فـ.ـر.ع المنطقة، ليتم ترحـ.ـيلهم إلى سجـ.ـن تد.مر

حيث رووا قصتـ.ـهـ.ـم لزملائهم في مهاجع السجـ.ـن، وروى بعض هؤلاء أن سبعة من مجموعة الهاربين كانوا في مهجعهم، وتمّ إعدامهم جميعاً داخل السجـ.ـن، وضاعت قصص البقية بين قصص عشرات آلاف المعتـ.ـقلـ.ـين في تد.مر.

وبالعودة إلى المجموعة الثانية، الستة الذين انتزعوا حريتـ.ـهـ.ـم، فقد تابعوا الارتجال وأوقفوا سيارة على أوتوستراد المزة تحت التهـ.ـديد بالسـ.ـلاح الذي سلـ.ـبوه من العسـ.ـكري، تبيّن أنها سيارة تابعة لمطار د.مشق الدولي، فيها سائق موظف في المطار يُقِلُّ “كابتن” طائرة باتجاه رحلته.

جلسوا في السيارة، وأحـ.ـدهم في صندوقها يحمل البنـ.ـدقيـ.ـة تحسباً لحواجز عسـ.ـكرية قد تصادفهم في رحلة الانـ.ـعـ.ـتاق، لكنهم ارتكبوا خطأً كاد أن يكلفهم الكثير، حيث تركوا كابتن الطائرة يجلس عند باب السيارة، مما ساعده على رمي نفسه في الشارع والفرار منها.

بين الألغام وتحت الطائرات الـ.ـحـ.ـربية
تابعت السيارة مسيرها باتجاه محافظة درعا على الحـ.ـدود السورية الأردنية، ووصلت إلى منطقة صخرية وعرة، فأكمل الهاربون طريقهم سيراً على الأقدام باتجاه الشريط الحـ.ـدودي معتمديـ.ـن على حـ.ـدسهم في الاتجاهات، مصطحـ.ـبين معهم سائق السيارة خشية عودته والإبلاغ عنهم.

ليتفاجؤوا قبل الحـ.ـدود بقرابة خمسة كيلو مترات بسيارة “بيك آب” جبلية فيها شخصان تقترب منهم بشكلٍ مريبٍ، أحـ.ـد الشباب الستة اختبأ خلف تلة صغيرة

وعند.ما توقفت السيارة بالقرب من زملائه لمح بنـ.ـدقيـ.ـة روسية يحملها أحـ.ـد الشخصين، فأجبره على تسليم البنـ.ـدقيـ.ـة وركبوا السيارة الجبلية وتابعوا طريقهم بواسطتها إلى الحـ.ـدود، وبصحـ.ـبتـ.ـهـ.ـم سائق السيارة الأولى والرجلين الذين كانا في السيارة الثانية ولم يتمكنوا من تحـ.ـديد هويتـ.ـهـ.ـما.

بالقرب من الشريط الحـ.ـدودي عطّل الهاربون السيارة الجبلية وأفرغوا عجلاتها، وتركوا الأشخاص الثلاثة واعتذروا منهم على سوء سلـ.ـوكهم معهم

وبدأوا يشقون طريقهم باستخدام حـ.ـربتي البندقيتين لتجنب الألغام الأرضية حتى وصلوا الشريط الحـ.ـدودي، حيث أوقفهم عسـ.ـكري أردني وبعد التواصل مع قيادته طلب منهم تسليم البندقيتين، وإكمال الطريق برفقته.

بُعيدَ دخول الهاربين الستة الأراضي الأردنية شهدت الأجواء الحـ.ـدودية طلعات طيران حـ.ـربي مكثفة بحثاً عنهم، واستطلع الجانب الأردني تحركات عسـ.ـكرية على الشريط الحـ.ـدودي

وأبـ.ـلـ.ـغت سلطات نظـ.ـام الأسد الحـ.ـدودية نظيرتها الأردنية أن هناك ستة عنـ.ـاصـ.ـر عسـ.ـكريين فارين من خد.متـ.ـهـ.ـم العسـ.ـكرية في سوريا، لكنّ الطرف الأردني نفى عثـ.ـوره على أيِّ أحـ.ـدٍ.

نقل الأردنيون الهاربين إلى إربد ثم الرمثا ثمّ عمّان أخيراً حيث احتفظوا بهم في أحـ.ـد السجون قرابة ستة شهور، انتهت بترحـ.ـيلهم إلى باكستان

حيث تفرقت مساراتـ.ـهـ.ـم لاحقاً بين من توجهوا إلى تركيا ومنها إلى أوروبا حيث حصلوا على اللجوء السيـ.ـاسي، ومن بقي في باكستان وقاتل في أفغانستان وقُتِل فيها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock