ما سر الدفتر الصغير الذي يحمله كل من يرافق زعيم كوريا الشمالية؟؟!
تركيا رصد// منوعات
ما سر الدفتر الصغير الذي يحمله كل من يرافق زعيم كوريا الشمالية؟؟!
عبر السنوات الطويلة التي حكم فيها زعيم كوريا الشمالية ” كيم جونغ ” بلاده، التقطت كاميرات التصوير صورا له أثناء جولاته التفقدية وأثناء إلقائه الخطابات التي يلقيها في زياراته لمؤسسات الدولة.
وفي بعض الصور على وجه اخص تظهر تنوع النشاطات التي يقوم بها الزعيم الكوري ” كيم” فنجده قد تجد أن (كيم جونغ أون) يلاحظ بعناية وحدةً من النساء تقوم باتباع إجراءات إطلاق صواريخ،
ويتجول في أنحاء مسمكة اصطناعية، ثم تراه يعطي بعض الخطابات المحفزة لأحد الطيارين المتدربين على وشك الإقلاع بالطائرة، ويستمتع كذلك بمختلف المرافق العمومية لمخيم للشباب تم إعادة تهيئته مؤخرا.
ولكن في جميع تلك الصور الملتقطة له تظهر مجموعة من الأشخاص مرافقين له أينما ذهب وحلّ، حاملين دفتر وقلم مستمرين بتدوين الملاحظات فما سر هذا الدفتر الصغير؟
ومن هؤلاء الأشخاص اللذين يرافقون الرئيس ” كيم” في هذا المقال سوف نستعرض لكم ما سر الدفتر الصغير الذي يحمله كل من يرافق زعيم كوريا الشمالية، ومن هم هؤلاء المرافقين؟!
بدايةً إن هؤلاء هؤلاء الأشخاص الذين يرافقونه أينما حل ويبدون وكأنهم لا يتوقفون عن تدوين الملاحظات؟ هؤلاء ليسو مراسلين صحفيين، بل جنود، أو أعضاء الحزب الحاكم، أو موظفون سامون في مناصب مرموقة في حكومة كوريا الشمالية.
يقول البروفيسور (جايمس غرايسون)، وهو خبير في الشؤون الكورية الشمالية في جامعة (شيفيلد)، بأن ما يحدث فعلا في كل تلك الصور
من خلال إظهار الجميع وهم يدونون ملاحظات لما يقوله الزعيم الكوري- هو عبارة عن استعراض للقوة المزعومة للزعيم، وحكمته، ومعرفته الواسعة، واهتمامه الكبير بشؤون بلاده
، فيقول غرايسون: ”إنه توجيه وإرشاد تحت الأضواء“، وهو تقليد أسس له جده (كيم إل سونغ) في سنوات الخمسينيات من القرن الماضي،
ويضيف غرايسون: ”إن الأمر برمته جزء من صورة ’القائد العظيم‘ وهو يمنح الإرشادات والتوجيهات الهادفة إلى منفعة وخير بلاده.“
فترى بذلك هؤلاء المساعدين والمرافقين للـ”القائد العظيم“ في أيديهم كناشات مفتوحة وأقلام، وهم على أهبة الاستعداد لتدوين أية كلمات ”حكيمة“ قد تنبع عن ”سيادته“ في أية لحظة ممكنة.
في هذه الصورة زار الزعيم الكوري الشمالي (كيم جونغ أون) مزرعة (تايشون) لتربية الخنازير التابعة لمصلحة سلاح القوات الجوية والقوات المضادة للضربات الجوية، الصورة التي نشرت من قبل وكالة الأنباء المركزية الكورية الكورية الشمالية بتاريخ 23 أبريل من سنة 2017.
صرح غرايسون لقناة الـBBC: ”إن ذلك يعتبر جزءا من صورة القائد العظيم الذي يمنح الإرشادات والنصائح القيمة متى وأينما حلّ.“
في هذه الصورة التي تفتقر إلى التاريخ الحقيقي؛ يتفقد الزعيم الكوري الشمالي (كيم جونغ أون) مركز الدفاع في جزيرة (جانغجي)،
ومركز دفاع ”البطل“ في جزيرة (مو) الواقع في أقصى جنوب المياه الإقليمية الكورية على الجبهة الجنوبية الغربية – صورة نشرت من قبل وكالة كوريا المركزية للأنباء التابعة لكوريا الشمالية كذلك في الخامس من شهر مايو سنة 2017.
قد يتمحور تقليد تدوين الملاحظات المقدس هذا حول الصورة والمظهر أكثر من فاعليته وسعة المعرفة التي يمثلها.
الزعيم الكوري (كيم جونغ أون) يعاين محصول ذرة – صورة: KCNA/REUTERS
حول ماذا قد يكون هذا الإرشاد والتوجيه يا ترى؟ حسنا، إن كان كيم يشبه جده في أي شيء، فقد يكون ذلك عبارة عن نصائح عملية؛ نصائح عملية محددة ودقيقة للغاية.
بعد أن زار (كيم إل سونغ) -وهو والد الرئيس الكوري الحالي- مسمكة في سنة 1976، نشرت وكالة الأنباء المركزية الكورية لكوريا الشمالية ما يلي:
”بملاحظته لإحدى الشاحنات وهي تعمل، قال الرئيس بأن حاويتها كانت تبدو أصغر مقارنة مع قوة محركها، وقال بأن مشكلة النقل تلك ستحل حتما لو أن الحاويات تم الزيادة في سعتها قليلا.
بعد ذلك تمت زيادة سعة حاويات الشاحنات لتصل إلى طنّين إثنين بدل ثمانمائة كيلوغرام، وكنتيجة على ذلك أصبحت عشرون شاحنة قادرة على نقل شحنة كانت في الماضي تنقلها خمسون شاحنة.“
على الرغم من كون الألواح الإلكترونية الذكية Tablets متوفرة في البلد، فإن الكناشات الورقية تبقى المفضلة لدى هؤلاء المساعدين والمرافقين،
يقول غرايسون: ”هذه صور سيتم بعد ذلك إذاعتها وبثها على التلفاز ووسائل الإعلام التابعة للدولة، لذا قد يرغب أولئك الذين يظهرون فيها بأن تلتقطهم عدسات الكاميرات وهم يدونون كل كلمة للزعيم الكوري“،
ويضيف: ”يتمحور الأمر كذلك حول تقديمهم له على أنه يملك معرفة واسعة بخصوص كل شيء تقريبا، إلا أن ذلك أمر سخيف، فيستحيل عليه أن يلم بكل تلك الأمور المختلفة
كما إنها أمر مهم للغاية […] يجب أن يبدو مرافقوه والذين يحيطون به من مساعديه وكأنهم معلقون ويعتمدون على كل كلمة بسيطة يقولها.“
وفقا للبروفيسور (ستيف تسانغ)، عميد كلية الدراسات الصينية المعاصرة في جامعة (نوتينغهام)، سيقوم مدونو الملاحظات هؤلاء بالكتابة بحذر شديد، فيقول: ”هم لن يرغبوا في تدوين أي أمر؛ لنقل: ’خاطئ سياسيا‘، لأن ذلك سيعود عليهم بعواقب وخيمة.“
لا يتم في العادة نشر تلك الملاحظات، أو جعلها متاحة للاطلاع عليها من طرف العامة، يضيف تسانغ: ”إن ورد أي شيء عن تلك الملاحظات
فسيكون من خلال إدارة ’البروباغاندا‘ الموالية للنظام، سواء كان ذلك مطابقا لما قيل أثناء تدوين الملاحظة، أو كان مختلفا عن ’الإرشاد‘ الممنوح من طرف ’القائد العظيم‘ آنذاك،
فالأمر لا يهم في نهاية المطاف، فلا أحد بمقدوره أو حتى لديه الرغبة في مسائلة ذلك أو التشكيك فيه.
فإن كنت في المصنع في وقتها، وكان ما تم نشره للعامة مخالفا تماما لما دونته من ملاحظات، فما عساك تفعله حيال ذلك؟“