منوعات

من مجرد مهاجر “غير شرعي” تحول عمري طه إلى مدير عام في مؤسسة “أومي فير”

من مجرد مهاجر “غير شرعي” من أصول تونسية، تحول عمري طه إلى مدير عام في مؤسسة “أومي فير”، وهي شركة في إيطاليا بلغت إيراداتها السنوية ملايين اليوروهات.

في حديث مع وكالة الأنباء الإيطالية، روى عمري طه سيرته الذاتية، التي تستحق أن تتحول إلى فيلما سينمائيا، وقد يحصل ذلك يوما ما. هي قصة نجاح مواطن تونسي دخل إيطاليا بطريقة غير قانونية في تسعينيات القرن الماضي، وأصبح مديراً عاماً لشركة “أومي فير”، الشركة المتخصصة في بناء وتجميع الهياكل المعدنية الداعمة. وحققت هذه الشركة إيرادات بلغت 25 مليون يورو هذا العام.

وتحدث رائد الأعمال، الذي رعى النسخة الـ17 من مهرجان “سالينا دوك فيست”، الذي أقيم في الجزيرة الإيولية في الفترة ما بين 13 إلى 17 أيلول/ سبتمبر الجاري، إلى وكالة أنباء الإيطالية (أنسا) عن قصة صعوده إلى القمة.

سددنا الآن ثمن الصعوبات والمساعدات التي تلقيناها

وقال رجل الأعمال “لم أولد فقيراً لكنني أردت تحسين ظروفي المعيشية، وانسجاماً مع المبادئ التي تعلمتها من والدي، لم أكن أعتمد إلا على نفسي فقط، حتى عندما كنت في مراحل الدراسة”.

وأضاف مدير المؤسسة الناجحة “كان لدي فضول تجاه العالم، وحصلت على شهادتي الثانوية في دمشق، ثم عدت إلى تونس، وتابعت دراسة الفيزياء والكيمياء، سافرت بعدها إلى تشيكوسلوفاكيا، ثم رحلت إلى فيينا، وبعدها إلى إنسبروك (مدينة نمساوية)، لمتابعة الدراسة لنيل درجة الماجستير”.

وأردف طه “لقد طلبوا مني 8000 شلن مقابل تصريح الإقامة، ولم يكن هناك عمل، لذلك عدت إلى إيطاليا، التي كنت قد مررت بها من قبل، عندما كنت طالبا، حيث اعتدت أن أمر لرؤية أبناء أعمامي في ساليرنو، الذين كانوا يعملون في قطاع البناء”.

وتابع “ذهبت معهم إلى كاسيرتا للعمل في قطاع التبغ، ثم إلى سان فيرديناندو دي بوليا لجني محاصيل العنب والطماطم، حيث كنت أحصل على 1000 ليرة (ما يعادل نصف يورو بالعملة الإيطالية) لكل صندوق”.

واتخذت حياة هذا الشاب الطموح منحى مختلفا عندما انتقل إلى بريشيا، وكانت البدايات صعبة، حيث أوضح طه “كنت أقيم مع صديق، لكن في مرحلة معينة، لم يعد بإمكانه استضافتي، وكنت أواجه صعوبات مثل كثير من الناس للحصول على حاجتي من الطعام والشراب، والاستحمام أو شراء الملابس، فذهبت إلى كييزا دي كياري، حيث كان يوجد الأب أندريا جالو (رجل دين ناشط)، الذي أعطاني 5000 ليرة لدفع تكاليف المواصلات التي تأخذني للمكان الذي أنام فيه”.

وامتناناً لهذا الدعم، قام طه بعد سنوات برعاية حفل موتسارت في كنيسة على بحيرة غاردا، بعد أن طلب ذلك كاهنان من أصدقائه. وعن هذه اللحظة قال المهاجر غير الشرعي السابق “لقد فعلت ذلك تخليدا لذكرى الأب جالو، وأحضرت معي ورقة نقدية قديمة بقيمة 5 آلاف ليرة، وبفضل هذا جزئيا أصبح لدي الآن نحو 500 موظف، وكان هناك حوالي 300 شخص، وجاء كثيرون لاحتضاني، وكان الأمر مؤثر للغاية”.

وشكلت ذكرى المساعدة التي تلقاها، والحوار مع الناس من مختلف الأديان، قوة دافعة لرائد الأعمال، وأردف “لدي موظفون من جميع الجماعات العرقية والأديان، وعندما افتتحت أول سقيفة في عام 2016 دعوت الأئمة والكهنة، وفي كانون الأول/ ديسمبر المقبل سوف أفتتح أربعاً أخريات”.

أهمية المرأة وتدريب المهاجرين

وفي مرحلة معينة من حياته في بريشيا، تزوج طه من امرأة إيطالية، وبدأ العمل مع والد زوجته، وتعلم تلحيم المعادن والعمل كنجار. وبعد أن حصل على أوراقه، وطلاقه من زوجته، أسس مشروعه الصغير الخاص في عام 2009.

وقال طه، “كانت هناك أزمة وكنت استثمر، والجميع قالوا لي إنني أحفر قبري بنفسي، لكني كنت واثقاً أن النور يأتي دائما بعد عتمة الليل”.

وكم كان طه على حق، فمن تحقيق 700 ألف يورو من إيرادات سنوية في البداية، تحقق الشركة الآن ما يصل إلى 25 مليون يورو. وافتتحت شركة “أومي فير” متجرا رائعا للعاملات فيها.

وأكد طه، أن “النساء هن ركائز شركتي، ولدي 13 امرأة على رأس الأقسام، وهن أكثر مسؤولية وأفضل في أداء المهام المتعددة، وكان هذا جزءاً من سبب رعايتي لمهرجان سالينا دوك فيست، الذي يرمز في روحه إلى التقاء الثقافات، وقد خصصت نسخة هذا العام لموضوع المرأة عبر الحدود”.

ويعمل رجل الأعمال أيضا على إخراج المهاجرين الشباب من الشارع، لتدريبهم على العمل. وأشار إلى أنه “مثلما أقوم بالتجنيد بهذه الطريقة الإيجابية، هناك من يتم تجنيدهم بطريقة سلبية، والقادمون من أفريقيا بسبب الجوع يقعون في الانحراف بسبب قلة الفرص”.

>>>> للمزيد: مفوضية اللاجئين تكرم شركات ومنظمات ساهمت بدمج اللاجئين بسوق العمل في إيطاليا

الهجرة من تونس

وبشأن تونس والهجرة، يملك طه أفكاراً واضحة للغاية، وقال إنه “من المتوقع أن تعاني دولة وحيدة من أزمات اقتصادية خطيرة للغاية، بسبب عدم قدرة أوروبا بأكملها على التعامل، وتونس ليست سوى معبراً واحداً (إلى أوروبا)، كما هي ليبيا، والمهاجرون سوف يجدون معابر أخرى، لأن اليأس من الجوع يدفعهم إلى الرحيل”.

وبينما كان ينتظر عرض فيلم عن حياته، وهو ما ألمح إليه طه نفسه، استأنف رجل الأعمال دراسته، ويتوقع أن يحصل العام المقبل على شهادته في العلوم السياسية.

وقال “أحتاج فقط إلى امتحانين إضافيين، وسوف أكتب أطروحتي في القانون الدستوري”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock