هل جنازة نصرالله تعني موت حزب الله؟

هل جنازة نصرالله تعني موت حزب الله؟
أيام قليلة تفصلنا عن حدث تشييع حزب الله لأمينه العام الأسبق حسن نصر الله، والسابق هاشم صفي الدين، في مشهد يحاول الحزب استثماره إلى أقصى حد ممكن إعلاميًا وسياسيًا، متكئًا على ما تبقى لديه من إمكانات مادية ونفوذ متآكل.
يسعى الحزب، الذي يعاني من تفكك داخلي غير مسبوق، لجذب شخصيات بارزة لحضور التشييع، على أمل إعادة لملمة شتات حاضنته الشعبية، وإحياء صورة الهيمنة التي تهاوت مع مقتل نصر الله وصفي الدين.
الأمين العام الحالي للحزب، نعيم قاسم، الذي يوصف بـ “الأمين الوديع”، لم يتمكن من كسب ثقة صقور الحزب وجناحه العسكري، بل بات يُنظر إليه على أنه واجهة ضعيفة لا تملك قرارًا حقيقيًا، رغم ذلك، دعا إلى تكثيف الحضور في مراسم التشييع وتجديد البيعة، محاولًا الظهور بموقف القوي القادر على ضبط الأمور، إلا أن تسريبات من داخل الحزب تكشف عن خلافات عميقة وصراعات داخلية وصلت إلى مستوى الصدام بينه وبين المجلس الجهادي، الذي بات يرى في قاسم عقبة أمام استمرار نهج التصعيد والمواجهة.
يرى بعض المراقبين أن دفن نصر الله سيكون بمثابة دفن لمشروع حزب الله نفسه، المشروع الذي استند إلى منطق السلاح والترويع في فرض سطوته على الدولة ومؤسساتها لعقود، ورغم محاولات الحزب لتسويق سرديات النصر واستعادة التوازن، فإن الواقع على الأرض يروي قصة مختلفة تمامًا، حيث كشفت عملية تفجير “البيجر” والضربات الدقيقة التي استهدفت قادة الحزب عن ضعف أمني كارثي واختراقات غير مسبوقة، ما فتح الباب لمساءلات داخلية حادة وتحميل مسؤوليات قد تطيح برؤوس كبيرة.
الجناح العسكري للحزب، المعروف باسم “المجلس الجهادي”، بات أكثر تمردًا على القيادة السياسية، ويتعامل بفتور مع توجيهات نعيم قاسم، إذ يرى أن موقع الأمين العام لا يصلح لشخصية هادئة مثل قاسم، بل يتطلب قيادة ذات حضور عسكري صارم، كتلك التي كان يمثلها نصر الله.
الصراع بين قاسم والمجلس الجهادي يتفاقم، حيث يطالب الأخير بتصعيد المواجهة مع إسرائيل وعدم الرضوخ لأي ضغوط خارجية أو داخلية، ما يعكس حجم الأزمة التي يعيشها الحزب في هذه المرحلة الحرجة.
حزب الله يواجه اليوم أسوأ أزمة منذ تأسيسه في مطلع الثمانينات، فالاغتيالات الإسرائيلية التي طالت قادته البارزين، وانقطاع طرق الإمداد والتهريب من سوريا، جعلا القيادة الحالية في مأزق استراتيجي غير مسبوق، وبين دعوات التهدئة والتراجع خطوة للوراء، وبين أصوات داخلية متشددة تطالب بالمضي قدمًا في حرب شاملة ضد إسرائيل حتى النهاية، يجد الحزب نفسه أمام خيارين كلاهما مر، ما يضعه على حافة الانهيار الذي قد يكون أقرب مما يتوقع كثيرون.