التاريخ

ذو النـ.ـورين.. عثمان بن عفان وأعظـ.ـم المواقف في حيـ.ـاته وقصة إسـ.ـلامه

ذو النـ.ـورين.. عثمان بن عفان وأعظـ.ـم المواقف في حيـ.ـاته وقصة إسـ.ـلامه

عثمان بن عفان الأموي القرشي، ذو النورين، ثالث الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن السابقين إلى الإسلام، وأول المهاجرين إلى الحبشة لحفظ الإسلام.

اشتهر عثمان بالعفة والحياء والكرم، وكان رضي الله عنه ليِّن العريكة، كثير الإحسان والحلم، لا يُوقظ نائمًا من أهل بيته إلا أن يجده يقظان فيدعوه، فيناوله وضوؤه، وكان يصوم الدهر عدا الأيام المكروهة، وهي أيام العيدين والشكِّ في أوَّل رمضان.

استعان النبيُّ صل الله عليه وسلم بعثمان في كثيرٍ من المناسبات، فكان عثمان سفير النبي، ولنصرة الإسلام بذل كثيرًا من ماله، كما بذل من جهده باشتراكه في كل الغزوات إلا غزوة بدر، لاشتغاله بتمريض زوجته رقية بنت النبي التي ماتت ودُفنت في اليوم الذي انتصر فيه المسلمون، فعدَّه النبيُّ من البدريين، وزوَّجه ابنته الثانية أم كلثوم.

عثمان بن عفان.. النسب واللقب والكنية
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر وهو قريش بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. يلتقي نسبه بنسب الرسول محمد صل الله عليه وسلم في عبد مناف.
والده: عفان بن أبي العاص بن أمية، ابن عم أبي سفيان بن حرب.

والدته: أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، وأمها: أم حكيم بنت عبد المطلب بن هاشم، وهي البيضاء توأمة عبد الله بن عبد المطلب فهي عمة الرسول صل الله عليه وسلم، وأم أم حكيم: فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم، وهي جدة رسول الله.

الكنية: كان يكنى في الجاهلية أبا عمرو، فلما ولد له من رقية بنت رسول الله صل الله عليه وسلم غلام، سماه عبد الله، واكتنى به، فكناه المسلمون أبا عبد الله.

اللقب: لُقب عثمان بن عفان رضي الله عنه بذي النورين، والمراد بالنورين ابنتا النبي صل الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم رضي الله عنهما؛ حيث زوجه النبي ابنته رقية، وحين توفيت زوجه ابنته الثانية أم كلثوم، وفي ذلك يقول عبد الله بن عمر بن أبان الجعفي: “قال لي خالي حسين الجعفي: يا بني، أتدري لما سمي عثمان ذا النورين؟، قلت: لا أدري، قال: لم يجمع بين ابنتي نبي منذ خُلِق آدم إلى أن تقوم الساعة غير عثمان بن عفان، فلذلك سمي ذا النورين”.

الزوجات والأبناء: تزوج عثمان رضي الله عنه ثماني زوجات كلهن بعد الإسلام، وأنجب تسعة من الذكور وسبع من الإناث.

صفات عثمان الخَلقية والخُلقية

ولد عثمان بن عفان في مكة بعد عام الفيل بست سنين على الصحيح. وكان رضي الله عنه رجلًا ليس بالقصير ولا بالطويل، رقيق البشرة، كث اللحية عظيمها، عظيم الكراديس (كردوس: هو كل عظمتين التقتا في مفصل)، عظيم ما بين المنكبين، كثير شعر الرأس، يصفر لحيته، أضلع (رجل شديد)، أروح الرجلين، أقني، خدل الساقين، طويل الذراعين، شعره قد كسا ذراعيه، جعد الشعر أحسن الناس ثغرًا، جمته أسفل من أذنيه، حسن الوجه، والراجح أنه أبيض اللون، وقد قيل أسمر اللون.

كان عثمان في الجاهلية من أفضل الناس في قومه، فهو عريض الجاه ثري، شديد الحياء، عذب الكلمات، فكان قومه يحبونه أشد الحب ويوقرونه، لم يسجد في الجاهلية لصنم قط، ولم يقترف فاحشة قط، فلم يشرب خمرًا قبل الإسلام، وكان يقول: “إنها تذهب العقل، والعقل أسمى ما منحه الله للإنسان، وعلى الإنسان أن يسمو به، لا أن يصارعه”.

وكان بعد إسلامه قويًّا هاديًا، وديعًا صابرًا عظيمًا راضيًا، عفوًّا كريمًا محسنًا رحيمًا سخيًّا باذلاً، يواسي المؤمنين ويعين المستضعفين، حتى اشتدت قناة الإسلام.

إسلام عثمان بن عفان

كان عثمان رضي الله عنه قد ناهز الرابعة والثلاثين من عمره حين دعاه أبو بكر الصديق إلى الإسلام، ولم يعرف عنه تلكؤًا أو تلعثمًا بل كان سبَّاقًا أجاب على الفور دعوة الصديق، فكان بذلك من السابقين الأولين، فكان بذلك رابع من أسلم من الرجال.

يروي ابن إسحاق: “لما أسلم أبو بكر رضي الله عنه أظهر إسلامه، ودعا إلى الله وإلى رسوله، وكان أبو بكر رجلاً مؤلفًا لقومه محببًا سهلاً، وكان أنسب قريش، وكان رجلاً تاجرًا ذا خُلُق ومعروف، وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لغير واحد من الأمر لعلمه وتجارته، وحسن مجالسته، فجعل يدعو إلى الله وإلى الإسلام من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه، فأسلم بدعائه عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وطلحة بن عبيد الله، فانطلقوا ومعهم أبو بكر، حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهم الإسلام، وقرأ عليهم القرآن، وأنبأهم بحق الإسلام وبما وعدهم الله من الكرامة، فآمنوا وأصبحوا مقرين بحق الإسلام، فكان هؤلاء النفر الثمانية -يعني مع علي وزيد بن حارثة- الذين سبقوا إلى الإسلام، فصلوا وصدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمنوا بما جاء من عند الله تعالى”.

قصة زواجه من رقية بنت رسول الله ثم أختها أم كلثوم رضي الله عنهما

كان رسول الله صل الله عليه وسلم قد زوج رقية من عتبة بن أبي لهب، وزوج أختها أم كلثوم عتيبة بن أبي لهب، فلما نزلت سورة المسد: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ * سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ * وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ * فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}[المسد: 1-5]، قال لهما أبو لهب وأمهما أم جميل بنت حـ.ـرب بن أمية: فارقا ابنتي محمد، ففارقاهما قبل أن يدخلا بهما، كرامةً من الله تعالى لهما، وهوانًا لابنَيْ أبي لهب.

وما كاد عثمان بن عفان رضي الله عنه يسمع بخبر طلاق رقية حتى استطار فرحًا وبادر، فخطبها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فزوجها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم منه، وزفتها أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، وقد كان عثمان من أبهى قريش طلعة، وكانت هي تضاهيه قسامة وصباحة، فكان يقال لها حين زفت إليه: أحسن زوجين رآهما إنسان رقية وزوجها عثمان.

أما عن قصة زواجه من أم كلثوم بعد وفاة رقية رضي الله عنهما:

قال سعيد بن المسيب: “تأيم عثمان من رقية بنت رسول الله صل الله عليه وسلم، وتأيمت حفصة بنت عمر من زوجها، فمر عمر بعثمان، فقال: هل لك في حفصة؟ وكان عثمان قد سمع رسول الله صل الله عليه وسلم يذكرها فلم يجبه، وذكر ذلك عمر للنبي صل الله عليه وسلم، فقال: هل لك في خير من ذلك؟ أتزوج حفصة وأزوج عثمان خيرًا منها: أم كلثوم”.

وعن أم المؤمنين عائشة بنت الصديق -رضي الله عنها- قالت: لما زوج النبي ابنته أم كلثوم قال لأم أيمن: “هيئي ابنتي أم كلثوم، وزفيها إلى عثمان، واخفقي بين يديها بالدف”، ففعلت ذلك، فجاءها النبي صل الله عليه وسلم بعد الثالثة، فدخل عليها فقال: “يا بنية، كيف وجدت بعلك؟” قالت: خير بعل”.

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صل الله عليه وسلم وقف عند باب المسجد فقال: “يا عثمان، هذا جبريل أخبرني أن الله قد زوجك أم كلثوم بمثل صداق رقية، وعلى مثل صحبتها”. وكان ذلك سنة ثلاث من الهجرة النبوية في ربيع الأول، وبنى بها في جمادى الآخرة.

ولما توفيت أم كلثوم -رضي الله عنها- في شعبان سنة تسع هجرية تأثر عثمان رضي الله عنه، وحزن حزنًا عظيمًا على فراقه لأم كلثوم، “ورأى رسول الله صل الله عليه وسلم عثمان وهو يسير منكسرًا، وفي وجهه حزن لما أصابه، فدنا منه وقال: “لو كان عندنا ثالثة لزوجناكها يا عثمان”.

خلافة عثمان بن عفان على المسلمين

كان خليفة المسلمين الثاني عمر بن الخطاب، قد وضع نظام للشورى لاختيار الخليفة القادم، وكان مجلس الشوري مكون من 6 الصحابة، هم: علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله.

وكان الفاروق قد أمرهم أن يجتمعوا في بيت أحدهم ويتشاوروا وفيهم عبد الله بن عمر يحضر معهم مشيرًا فقط وليس له من الأمر شيء، ويصلي بالناس أثناء التشاور صهيب الرومي، وقال له: «أنت أمير الصلاة في هذه الأيام الثلاثة» حتى لا يولي إمامةَ الصلاة أحدًا من الستة فيصبح هذا ترشيحًا من عمر له بالخلافة.

وأمر الفاروق، المقداد بن الأسود وأبا طلحة الأنصاري أن يرقبا سير الانتخابات، وقد حدد عمر الفترة بثلاثة أيام، فقال لهم: «لا يأتي اليوم الرابع إلا وعليكم أمير».

عندما اجتمع أهل الشورى قال لهم عبد الرحمن بن عوف: «اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم»، فقال الزبير: «جعلت أمري إلى علي»، وقال طلحة: «جعلت أمري إلى عثمان»، وقال سعد: «جعلت أمري إلى عبد الرحمن بن عوف»، وأصبح المرشحون الثلاثة علي بن أبي طالب، وعثمان بن عفان، وعبد الرحمن بن عوف، فقال عبد الرحمن: «أيكما تبرأ من هذا الأمر فنجعله إليه والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه» فأسكت الشيخين، فقال عبد الرحمن بن عوف: «أفتجعلونه إليَّ والله على أن لا آلو عن أفضلكما»، قالا: «نعم».

هكذا وقع على عبد الرحمن بن عوف مهمة سؤال الصحابة وعموم المسلمين عن اختيار إما عثمان بن عفان أو علي بن أبي طالب، فوقع الاختيار على عثمان بن عفان، ليكون خليفة المسلمين الثالث.

استشـ.ـهاد عثمان بن عفان

استشـ.ـهاد عثمان بن عفان يُعرف أيضًا بـ فتنة مقتـ.ـل عثمان أو الفتنة الكبرى وتُعرف كذلك بـ الفتنة الأولى، وهي مجموعة من القلاقل والاضطـ.ـرابات والنزاعـ.ـات، أدت إلى مقتـ.ـل الخليفة عثمان بن عفان في سنة 35 هـ، ثم تسببت في حدوث نزاعـ.ـات وحـ.ـروب طوال خلافة علي بن أبي طالب.

كان عثمان بن عفان في داره محاصرًا، فدخل رجل يُسمى كنانة بن بشر التجيبي، وكان من رؤوس الفتنة بشعلة من نار، وحرق بابَ بيتِ عثمان رضي الله عنه، ودخل ومعه بعض رجال الفتنة، ثم دخل رجل آخر يسمونه الموت الأسود، قيل إنه عبد الله بن سبأ وقيل غيره، فخنق عثمان بن عفان رضي الله عنه خنقًا شديدًا حتى ظن أنه مات، فتركه، وانصرف، ودخل بعد ذلك محمد بن أبي بكر الصديق (الصحابي الوحيد الذي شارك في هذه الفتنة في هذا الوقت)، ودار بينه وبين عثمان حوارًا، عاد فيه إلى رشده.

ثم دخل رؤوس الفتنة كنانة بن بشر الملعون وسودان بن حمران وعمرو بن الحمق ، فطعنوا عثمان رضي الله عنه عدة طعنات حتى استشهد، ودُفن في مكان خارج المدينة يُسمى (حش كوكب) وهو غير المكان الذي يَدفن فيه أهل المدينة موتاهم، وقد فعل الصحابة ذلك، خشية أن يقوم أهل الفتنة بإخراج جسده الطاهر ويمثلوا به.

يروى الإمام مالك رضي الله عنه أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه عندما كان يمرّ على هذا المكان وهو حي (حش كوكب) كان يقول: “يُدفن هاهنا رجل صالح”.
المصدر: مدى بوست
رابط الموضوع الأصلي هنا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock