صاحبة أفخم زفاف أسطوري عرفه التاريخ القديم والحديث.. الأميرة “قطر الندى” التي تسبب زواجها بإفلاس مصر كلها.. فيديو
تركيا رصد // متابعات
صاحبة أفخم زفاف أسطوري عرفه التاريخ القديم والحديث.. الأميرة “قطر الندى” التي تسبب زواجها بإفلاس مصر كلها.. فيديو
تسبب زواجها وجهازها الذي أفلس الدولة الطولونية في مصر إلى شهرتها وعدم نسيانها منذ ألف عام وظل ذكرها منقولا حتى في الاغاني فقد غنت لها المطربة المصرية شادية من ألحان بليغ حمدي:
«الحنة ياحنة يا قطر الندى، يا شباك حبيبي يا عيني جلاب الهوى».
ونسي الناس والدها حاكم في مصر خمارويه بن احمد ابن طولون قائد الدولة الطولونية الذي بعث ابنته للخليفة العباسي المعتضد بالله بجهاز لم ولن يرى مثله في التاريخ.
ففي سالف العصر والأوان، وفي موكب مهيب لم يشهد له التاريخ مثيلًا، ولم تعرف مثل عجائبه عروس؛ زُفَّت الأميرة قطر الندى من مصر إلى بغداد، زوجةً للخليفة العباسي المعتضد بالله، وذلك بعد أن جهزها والدها خمارويه بجهاز يليق بعظمة الدولة الطولونية المصرية.
قطر الندى.. الأميرة التي تسبب والدها في تعاستها حفاظًا على دولته
كانت قطر الندى أحب أطفال خمارويه إليه، وأدناهم منه منزلة، ومنذ طفولتها كان لها جمال أخاذ وقوة آسرة، يقول عنها شمس الدين الذهبي في كتابه «سير أعلام النبلاء»:
إنها وفي عمر السابعة كانت لها من قوة الإدراك أن تحسن الاستماع، وتحسن الحديث، وتستطيع الفصل في بعض ما يُعرض لها من الأمر.
كانت قطر الندى مولعة بسرد الحكايات؛ وفور عودة والدها إلى القصر كانت تهرع إليه لتحكي له القصص، وكان والدها يستمع إلى حديثها مأخوذًا به،
كبرت قطر الندى في قصر والدها برفقة مربيتها آسيا، التي كانت تعتني بها وتشرف على عملية تعليمها، وتستمع إلى قصة الحب التي جمعت بين قلب قطر الندى وخطيبها أبي عبد الله بن سعد، قائد جيوش مصر.
لكن الأميرة استيقظت ذات صباح، وهي ابنة 14 ربيعًا، على قرار والدها بفسخ خطبتها من ابن سعد، وتجهيزها للزواج من الخليفة العباسي المعتضد بالله،
وعلى الفور عُلِّقت الزينة وأُقيمت الأفراح والليالي الملاح طوال 40 يومًا، في جميع أرجاء الفسطاط؛ احتفالًا بالمصاهرة مع الخليفة العباسي، دون أدنى اعتبار لدموع قطر الندى وانفطار قلبها، الذي لم يشعر به إلا مربيتها آسيا.
التجهيز للزفاف الأسطوري
كان خمارويه يريد أن يعبر جهاز ابنته عن حجم ثروة مصر، وعظم مكانتها، ورفعة شأنها، ومنافستها لعاصمة الخلافة العباسية؛ ولذلك كلف أحد تجار مدينة بغداد، ويُدعى ابن الجصاص، بإعداد جهاز الأميرة قطر الندى وأمره بأن ينفق على هذا الجهاز بكل سخاء،
وألا يهتم بمسألة الأموال على الإطلاق. وبالفعل كان جهاز قطر الندى مضربًا للأمثال وأعجوبة كبيرة من أعاجيب الزمان، إذ وصفه المؤرخون بكل دهشة في مؤلفاتهم وأعجبوا بنفائسه ومحتوياته.
وقد ذكر ابن تغري بردي في كتابه «النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة» بعض تفاصيل جهاز قطر الندى فقال: «وكان من جملة جهازها أربع قطع من ذهب عليها قبة من ذهب مُشبَّك، في كل عين من التشبيك قرط معلق فيه حبة من جوهر لا يعرف لها قيمة، 100 هاون من الذهب»
وكان معها من القماش والأواني ما لا يُحصر، منهم 20 صينية من الذهب الخالص، و20 صينية فضية، وألف سروال حرير. وقد نُقل هذا الجهاز من مصر إلى بغداد في ستة أشهر،
وقد وصف تقي الدين المقريزي جهاز قطر الندى بقوله: «جهاز ضاهى به نعم الخلافة، فلم يبق خطيرة ولا طرفة من كل لون وجنس إلا حمله معها».
ولما فرغ خمارويه من جهاز ابنته، أمر أن يُجعل لها في الطريق بين القاهرة وبغداد في كل منزلة من منازل السفر قصر كامل كي تستريح فيه، وأن يكون في هذه القصور ما كانت تستخدمه على حسب عاداتها في بيت أبيها،
وذلك حتى لا تستوحش ابنته الرحلة الطويلة التي استغرقت عامًا كاملًا، وقد بُنيت قصور الأميرة قطر الندى في سيناء، والأردن، والعراق.
النهاية التعيسة للزفاف السعيد
لكن على الرغم من كل مظاهر الترف التي أحاطت بزفاف قطر الندى، فإن الأحداث آلت في نهاية الأمر إلى مصير قاس ومؤلم لكل من خمارويه وأميرته الصغيرة؛
فبالنسبة لخمارويه، فقد أدرك بعد شهور قليلة من انعقاد الزفاف الأسطوري أن خزينة الدولة المصرية قد أفلست، وأصبحت عاجزة عن تلبية طلبات قادة الجيش في دمشق،
وقال ابن تغري بردي في كتابه «النجوم الزاهرة» إن الخليفة المعتضد تعمد استنزاف أكبر قدر من ثروة مصر؛ حتى تسهل السيطرة على الدولة الطولونية.
أما الأميرة الصغيرة، فقد تعرضت للكثير من المكائد من قبل زوجات الخليفة المعتضد الأخريات، وخاصة زوجته القريبة لقلبه السيدة شغب،
وعليه فقد انزوت قطر الندى في ركن ركين بقصر الخلافة بعيدًا عن شئون الحكم والسياسية، وعاشت في تعاسة بالغة حتى ماتت بعد خمس سنوات فقط من دخولها قصر الخلافة العباسية، وكانت حينها تبلغ 19 عامًا.