قصة النجاشي ملك الحبشة.. الرجل الذي لا يظلم عنده أحد، بكى لسماع القرآن وصلى عليه رسول الله صلاة الغائب
تركيا رصد// منوعات
قصة النجاشي ملك الحبشة.. الرجل الذي لا يظلم عنده أحد، بكى لسماع القرآن وصلى عليه رسول الله صلاة الغائب
أصحمة بن أبجر الملقب بالنجاشي لكونه أحد ملوك الحبشة، هو الرجل الذي اشتهر باستقباله للمسلمين ونصرته لهم وأسلم بسبب آيات الله العظيمة.
وهو الرجل الوحيد الذي صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب وقد ولد حوالي العام 560 م ورحل عام 630.
تناقل العلماء والمفسرون خطاباً أرسله إليه رسول الله، مع عمرو بن الضمري، ويقول ابن كثير: “بعث رسول الله عمرو بن أمية الضمري إلى النجاشي في شأن جعفر بن أبي طالب وأصحابه.
دعوته إلى الإسلام
وأضاف: وكتب معه كتاباً: “بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى النجاشي الأصحم ملك الحبشة، سلام عليك فإني أحمد إليك الملك القدوس، المؤمن، المهيمن”.
وتابع “وأشهد أن عيسى روح الله وكلمته ألقاها إلى مريم البتول الطاهرة الطيبة الحصينة، فحملت بعيسى، فخلقه من روحه ونفخته كما خلق آدم بيده ونفخته”.
وأردف: “وإني أدعوك إلى الله وحده لا شريك له، والموالاة على طاعته، وأن تتبعني فتؤمن بي وبالذي جاءني، فإني رسول الله، وقد بعثت إليك ابن عمي جعفراً ومعه نفر من المسلمين”.
ملك لا يظلم عنده أحد
وقال: “فإذا جاؤوك فاقرهم ودع التجبر، فإني أدعوك وجنودك إلى الله عز وجل، وقد بلغت ونصحت، فاقبلوا نصيحتي، والسلام على من اتبع الهدى”.
هو الرجل الذي وصفه الرسول محمد بأنه “ملك لا يظلم عنده أحد” وقد تولى الحكم وهو ابن 9 سنين بعد رحيل عمه، وبعد سنوات من حكمه، انتشر عدله، وذهبت سيرته الطيبة إلى كل مكان.
وتعود قصته الأولى مع المسلمين في السنة الخامسة للدعوة حين نصح الرسول المسلمين بترك مكة والهجرة إلى الحبشة لأن فيها “ملك لا يُظلم عنده أحد وعادل في حكمه كريماً في خلقه”.
الهجرة إلى الحبشة
وكان عدد الراحلين إلى هناك في ذلك الوقت ثمانين رجلاً غير الأطفال والنساء، ويقال أن الهجرة قد تمت بين 610 ـ 629 م، وعندما علمت قريش بذلك انزعجت، فأرسلت إلى النجاشي عمرو بن العاص.
وعمرو بن العاص الذي أسلم لاحقاً كان “داهية العرب”، كما أرسلوا إليه عبد الله بن أبي ربيعة بالهدايا حتى يسلمهما المسلمين، فرفض النجاشي ذلك إلا بعد أن يسمع الطرف الآخر.
ولما دعاهم النجاشي و حضروا وقال لهم فليدخلوا بإذن الله وذمته. دخلوا ولم يسجدوا له. فقال ما منعكم أن تسجدوا لي؟ قالوا: إنما نسجد لله الذي خلقك وملكك، وإنما كانت تلك التحية لنا ونحن نعبد الأوثان.
وأضاف المسلمون للنجاشي: “فبعث الله فينا نبيا صادقاً وأمرنا بالتحية التي رضيها الله، وهي “السلام” تحية أهل الجنة، فعرف النجاشي أن ذلك حق، وأنه في التوراة والإنجيل.
الحوار التاريخي
فاستأذن جعفر أن يتكلم عن المسلمين وقال: إنك ملك لا يصلح عندك كثرة الكلام ولا الظلم، وأنا أحب أن أجيب عن أصحابي. فأمر هذين الرجلين فليتكلم أحدهما، فتسمع محاورتنا.
فقال عمرو لجعفر: تكلم، فقال جعفر للنجاشي: سله أعبيد نحن أم أحرار؟ فإن كنا عبيداً أبقنا من أربابنا فارددنا إليهم، فقال عمرو: بل أحرار كرام، فقال: هل أهـ.رقـ.نا د.مـ.اً بغير حق فيقتص منا؟
فأجاب عمرو: ولا قطرة فقال: هل أخذنا أموال الناس بغير حق فعلينا قضاؤها؟ فقال عمرو: ولا قيراط. فقال النجاشي: فما تطلبون منه؟
فقال عمرو: كنا نحن وهم على أمر واحد على دين آبائنا، فتركوا ذلك واتبعوا غيره، فقال النجاشي: ما هذا الذي كنتم عليه، وما الذي اتبعتموه؟ قل واصدقني.
فقال جعفر: أما الذي كنا عليه فتركناه وهو دين الشيطان، كنا نكفر بالله ونعبد الحجارة. وأما الذي تحولنا إليه فدين الله الإسلام جاءنا به من الله رسول وكتاب مثل كتاب ابن مريم موافقا له.
أمر عظيم
فأجاب النجاشي: تكلمت بأمر عظيم فعلى رسلك ثم أمر بضرب الناقوس، فاجتمع إليه كل قسيس وراهب. فقال لهم: أنشدكم الله الذي أنزل الإنجيل على عيسى، هل تجدون بين: عيسى وبين يوم القيامة نبيا؟
قالوا : اللهم نعم، قد بشرنا به عيسى، وقال من آمن به فقد آمن بي، ومن كفر به فقد كفر بي. فقال النجاشي لجعفر: ماذا يقول لكم هذا الرجل؟ وما يأمركم به؟ وما ينهاكم عنه؟.
فقال: يقرأ علينا كتاب الله ويأمرنا بالمعروف وينهانا عن المنكر ويأمرنا بحسن الجوار وصلة الرحم وبر اليتيم، ويأمرنا بأن نعبد الله وحده لا شريك له.
فقال: اقرأ مما يقرأ عليكم. فقرأ سورتي العنكبوت والروم. ففاضت عينا النجاشي من الدمع. وقال: زدنا من هذا الحديث الطيب. فقرأ عليهم سورة الكهف.
عيسى بن مريم
وحين أراد عمرو أن يغضب النجاشي قال إنهم يشتمون عيسى وأمه، فقال: ما تقولون في عيسى وأمه؟ فقرأ عليهم سورة مريم.
فلما أتى على ذكر عيسى وأمه رفع النجاشي بقشة من سواكه قدر ما يقذي العين. فقال: والله ما زاد المسيح على ما تقولون نقيراً.
وظل المسلمون في الحبشة مدة 15 سنة، بعد أن هاجر النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة، وذلك لحكمة منه حتى تبقى للمسلمين مكان آر احتياطًا.
إسلام النجاشي ورحيله
وأسلم النجاشي وبعدها رحل عن الحياة بعد ذهاب الصحابة مباشرة من الحبشة، وكأن الله جعله حماية للصحابة المهاجرين رضوان الله عليهم، ولما حصل ذلك قام النبي وأصحابه وصلوا عليه صلاة الغائب.
رحل النجاشي عن الحياة في العام التاسع للهجرة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: “اخرجوا فصلوا على أخٍ لكم مات بغيْر أرضكم”، فخرج بهم إلى الصحراء وصفهم صفوفًا ثم صلى عليه صلاة الغائب، وكان ذلك في شهر رجب.
المصدر : مدى بوست – محمد أمين ميرة
………………………………………………………………..