قصة حي الشيخ جراح الحقيقية الذي يشغل العالم
قصة حي الشيخ جراح الحقيقية الذي يشغل العالم
يعيش عشرات العائلات المقدسية تحت تهـ.ـديد الطرد بأي لحظة من بيوتهم في حي الشيخ جراح الملاصق للمسجد الأقصى، في مدينة القدس، وذلك ضمن المخططات الإسرائيلية الرامية إلى “تهـ.ـويد وأسرلة” المدينة المقدسة، وتفريغها من الفلسطينيين.
هذا الحي الشهير في القدس يقـ.ـطنه أكثر من 500 مقدسي في أكثر من 28 منزلاً مهددين حالياً بالطـ.ـرد والإخلاء لصالح المستوطنين والجمعيات الاستيطانية، وذلك بعد صدور قرار المحـ.ـكمة المركزية الإسرائيلية الأخير، برفض استئناف قُدّم من قبل ثلاث عائلات فلسطينية تقطن الحي، ضـ.ـد قرار محكمة الصلح الإسرائيلية بإخلاء منازلهم.
بأي حـ.ـق يُطـ.ـردون من بيوتهم؟
لهؤلاء السكان الفلسطينيين قصة تعود لعام 1956، عندما طردتها العصابات الصهيونية من منازلهم، ليستقر بهم الحال في الشطر الشرقي من المدينة المقدسة، وأقاموا في مبانٍ شُيدت خلال فترة الحكم الأردني في الضفة الغربية.
في عام 1972، بدأت سلطات الاحتـ.ـلال بالتضييق على سكان الحي، زاعمين أن الأرض التي تقام عليها تلك المباني تعود لعائلات يهودية، لتنجح في الاستيلاء على عدد من المنازل في الحي، ويتم تسليمها فيما بعد للمستوطنين.
يؤكد السكان المقدسيون أن بيوتهم أُقيمت بشكل رسمي على هذا الحي، بموجب اتفاق مع الحـ.ـكومة الأردنية ووكالة الأمم المتحدة لغـ.ـوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”.
وفي 4 مارس/آذار 2021، أمهلت محـ.ـكمة إسرائيلية 3 عائلات فلسطينية قررت طردها من منازلها بالحي حتى أغسطس/آب المقبل لإخلائها، بعد قرار مشابه صدر منتصف الشهر الماضي بإخلاء 4 عائلات أخرى من نفس الحي.
“أنقِذوا حي الشيخ جراح”
لم يستسلم الفلسطينيون لهذا القرار، فقد انطلقت حملة إلكترونية دعا إليها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، ليل الإثنين 15 مارس/آذار 2021، وتستمر عدة أيام، تحت عنوان “أنقذوا حي الشيخ جراح”.
فقد بدأ عدد من الفلسطينيين بالتغريد تحت هذا الوسم، في إطار التحضير الأوّلي للحملة الشعبية، من خلال التأكيد على حق الفلسطينيين في بيوتهم ومنازلهم التي يريد الاحتلال تسويتها بالأرض، ضمن خطط الاستيطان الرامية لإفراغ مدينة القدس المحتلة من سكانها الأصليين، وإحلال المشاريع الاستيطانية.
كما دعت الحملة الأردن للتدخل العاجل لوقف هذه المجزرة، خصوصاً مع وجود وثائق تثبت ملكية المنازل للفلسطينيين، داعيةً السلطة الفلسطينية للقيام بدورها بتوفير الوثائق وحماية المقدسيين.
تحرك أردني فلسطيني مشترك
سبق هذا التفاعل الجماهيري على وسائل التواصل الاجتماعي تعاون فلسطيني أردني، على مستوى وزراء الخارجية والسفراء في كل من رام الله وعمان، حيث قامت المملكة، السبت 13 مارس/آذار 2021، بتزويد الفلسطينيين بالوثائق الخاصة بعدد من العائلات المقدسية، مؤكدة أنها بصدد تأمين وثائق أخرى، وذلك في سبيل استخدامها من قبل المحامين ومؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية في المرافعات أمام المحاكم الإسرائيلية لإثبات ملكية المنازل.
من جانبها حملت الخارجية الفلسطينية الاحتلال الإسرائيلي في البيان “المسؤولية الكاملة والمباشرة عن الجريمة البشعة التي يتعرض لها حي الشيخ جراح ومواطنوه ومنازلهم”.
كما أشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن حي الشيخ جراح “يتعرض لأبشع هجوم استيطاني استعماري يهدف إلى مصادرة مساحات واسعة منه، وطرد وتهجير عشرات العائلات الفلسطينية”.
**القانون العنـ.ـصري الذي شرع التهـ.ـجير
في العام 1970، تم سن قانون الشؤون القانونية والإدارية في إسرائيل، والذي نص، من بين أمور أخرى، على أن اليهـ.ـود الذين فقدوا ممتلـ.ـكاتهم في القدس الشرقية عام 1948 يمكنهم اسـ.ـتردادها إلى ملكيتهم.
وقالت حركة “السلام الآن” الإسرائيلية (غير حكومية) “من المهم الإشارة إلى أن القانون الإسرائيلي (قانون أملاك الغائبين لعام 1950) لا يسمح للفلسطينيين الذين فقدوا ممتلكاتهم في إسرائيل عام 1948 باستعادتها، ويسمح بنقل الأصول إلى حوزة الدولة”.
وأضافت في تقرير حصلت وكالة الأناضول على نسخة منه “وهكذا، ودون التصريح بذلك صراحة، ينص القانون الإسرائيلي على وجود قانون مختلف لليهود والفلسطينيين”.
وتابعت حركة السلام الآن “علاوة على ذلك، حرصت حكومة إسرائيل على تعويض جميع اليهود الذين فقدوا ممتلكاتهم عام 1948، ومنحتهم أصولًا بديلة داخل إسرائيل، ومن ثم، يحق لأصحاب العقارات بموجب قانون الشؤون القانونية والإدارية مضاعفة التعويض عن الخسارة في عام 1948”.
**اتفاقية دون علم السكان
ويلفت الصباغ إلى أن السـ.ـكان تعرضوا بداية حـ.ـقبة التسعينيات من القرن الماضي، إلى خـ.ـديعة وخـ.ـيانة من قبل محام إسرائيلي وكلوه للدفاع عنهم.
ويضيف موضحا “في العام 1982، تقدمت الجمعيات الاستيطانية الإسرائيلية بدعوى إخلاء ضـ.ـد 24 عائلة في حي الشيخ جراح”.
ووكّلت 17 عائلة، المحامي الإسرائيلي توسيا كوهين، للدفاع عنها، حيث استمرت المعـ.ـركة القانونية دون أن تستطيع الجمعيات الاستيطانية إثبات الملكية حتى عام 1991.
واستدرك الصـ.ـباغ “في العام 1991 تم عقد صفقة، اعتـ.ـرف بموجبها المحامي كوهين، بتوقيع باسم سـ.ـكان الحي ودون علمهم، أن ملكية تلك الأرض تعود للجمعيات الاستيـ.ـطانية”.
وأضاف “تم منح أهالي الحي وضعية مستأجرين، يسري عليهم قانون حماية المستأجر”.
وبحسب الائتلاف الأهلي لحقوق الفلسطينيين في القدس، فإن ما فعله المحامي، وَضَعَ العائلات الفلسطينية “تحت طائلة الإخلاء في حالة عدم دفعها الإيجار للجمعيات الاستيطانية”.
وقال “اكتشف السكان بأن الصفـ.قة مؤامرة، أضـ.ـرت بهم كثيرا، وثبتت الملكية للمستوطنين وعلى إثر ذلك لم تدفع العائلات الإيجار”.
واستمرت المحـ.ـاكم الإسرائيلية بالنظر في قضايا متبادلة، بين السكان والجمعيات الاستيطانية.
**دعوى مضادة تستند إلى الطابو العثماني
ومستندا إلى وثائق الطابو العثماني، التي تم جلبها من تركيا، قدم المواطن سليمان درويش حجازي في العام 1997 دعوى إلى المحكمة المركزية الإسرائيلية، أكد فيها ملكيته للأرض المقامة عليها المنازل في الشيخ جراح.
غير أن المحكمة رفضت في العام 2005 الدعوى التي قدمها حجازي، معتبرة أن الأوراق التي بحوزته لا تثبت ملكيته للأرض.
وفي العام 2006 ردت المحكمة العليا الإسرائيلية استئناف حجازي بخصوص ملكية الأرض.
**الجمعيات تبيع الأرض لشركة استيطانية
وفي تطور ملفت للأحداث، قامت الجمعيات الاستيطانية، في العام 2003، ببيع حقوق الملكية بالأرض إلى شركة “نحلات شمعون” الاستيطانية.
**بدء عمليات الإخلاءات
وعلى مدى سنوات، نظرت المحاكم الإسرائيلية بقضايا مقدمة من الجمعيات الاستيطانية ضـ.ـد السكان الفلسطينيين، واستئنافات للسكان ضد قرارات صدرت لصالح المستوطنين.
ولكن، في نوفمبر/تشرين الثاني 2008 تم إخلاء عائلة الكرد من منزلها، وتكرر المشـ.ـهد في أغسطس/آب 2009 حينما تم طرد عائلتي حنـ.ـون والغاوي من منزليهما.
وانتقل مستوطنون للعيش في هذه المنازل، بعد طـ.ـرد أصحابها منها، وتم رفع الأعلام الإسرائيلية عليها إيذانا بمرحلة جديدة لمعاناة السكان بالحي.
وحتى اللحظة تلقت 12 عائلة فلسطينية بالحي قرارات بالإخلاء، صدرت عن محكمتي الصلح و”المركزية” الإسرائيليتين.
وكان آخر تحركات السكان، التماس 4 عائلات منها إلى المحكمة العليا، أعلى هيئة قضائية في إسرائيل، ضـ.ـد قرارات طردها من منازلها.
500+ Palestinians are threatened with losing their homes to Israeli settlers in Jerusalem.
3 families already lost their homes and 4 more have until may to evacuate.DISPOSITION IS A WAR CRIME.
(This is a map of the eviction plan)#savesheikhjarrh #انقذوا_حي_الشيخ_جراح pic.twitter.com/eUkNsvvCJE— Abed? #SaveSheikhJarrah (@Abd_HajYahia) March 15, 2021