بدت وكأنها شجرة داخلها دود ولكنها في الحقيقة طعام غالي الثمن يبلغ سعره 20 ألف دولار للكيلو
رصد بالعربي – متابعات
بدت وكأنها شجرة داخلها دود ولكنها في الحقيقة طعام غالي الثمن
يدق فصل الخريف الأبواب تاركًا أوراق الأشجار المتساقطة في كل مكان. ولكن اليابان حولت مخلفات هذا الفصل إلى متعة لذيذة، وذلك من خلال قلي أوراق شجر القيقب في خليط محلى الطعم، بحسب موقع «Bored Panda».
الوجبة الخفيفة، التي تبدو طعامًا شهيًا متخصصًا من منطقة أوساكا في اليابان، مصنوعة من أوراق شجر القيقب في خليط تيمبورا (أحد الأطباق اليابانية ويتكون من المأكولات البحرية أو الخضراوات التي تقلى بعد تغميسها بصلصة من الدقيق والبيض).
الخبراء في مدينة مينوه في شمال أوساكا يحتفظون بالأوراق لمدة عام في برميل ملح، ولكن لا يبدو أن الوصفات الآخرى تتطلب هذه المرحلة الطويلة.
طعام الدود المجفف سعره 20 ألف دولار للكيلو
كم تدفع مقابل تناول أحد الفطريات الشهية التي تنمو على رأس يرقة نافقة؟ بالتأكيد سيكون ذلك أقل مما ينفقه كثير من هواة الطعام الصينيين.
في كشك قريب من مدخل أحد المتاجر الواقعة جنوبي الصين، تُقدم تحية للمتسوقين في صورة مجموعة شهية من الأطعمة المجففة.
لكن إذا دققت النظر في تلك الأطعمة، سترى أنها يرقات نافقة لا يتجاوز طول الواحدة منها ثلاث سنتيمترات، وربما تلاحظ وجود بعض السيقان الدقيقة النامية حول رؤوسها.
وفي هذا الجزء من الصين تحديدا، يفتخر السكان بأنهم يمكن أن يأكلوا أي شيء له قدمان، فيما عدا الإنسان، أو أي شيء له أربعة أقدام، فيما عدا المنضدة.
وربما تكون هذه هي نفس الطريقة التي يستخدمها سكان ولاية تكساس الأمريكية للافتخار بتناول اللحم المشوي، لكن الاختلاف هنا يكمن في أن تناول تلك اليرقات وحواشيها بات صيحة واسعة الانتشار في الصين فقط.
وتجمع تلك اليرقات من منطقتي التبت والهيمالايا الجبليتين، كما أن سيقانها تعد نوعا من الفطريات التي يُعرف عنها أنها تسيطر على عائلها بشكل كامل قبل أن تقضي عليه وتفجر رأسه.
ويعد نمو تلك الطفيليات أمرا مثيرا للاهتمام من منظور التاريخ الطبيعي.
ويرجع السبب وراء الاهتمام بهذا النوع من اليرقات، ووضعها بهذا الشكل المتقن أمام الزبائن، إلى أنها تعد عنصرا أساسيا من عناصر العلاج التقليدي في الصين، والذي ينظر إليه كعلاج مفيد لجميع الأمراض الشائعة لديهم، من الربو وحتى السرطان.
كما تساهم تلك اليرقات في تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتدنية لمن يمتلكونها، تماما كما هو الحال عند الحديث عن الكافيار، أو المعاطف المصنوعة من فرو المنك.
ولذلك، فقد تجاوز ثمن الكيلو الواحد من هذه اليرقات 20 ألف دولار أمريكي، وأحيانا أكثر من ذلك بكثير. ويبلغ هذا على أقل تقدير عشرة أضعاف ثمن فطريات الكلأ السوداء.
وترجع بداية اكتشاف تلك اليرقات وفطرياتها إلى مكان ناءٍ يبعد عنا آلاف الأميال، حيث يواصل الناس هناك في كل فصل من فصول الربيع صعود الجبال على أيديهم وأرجلهم بحثا عن الجذر الذي يدل على ظهور أحد فطريات تلك اليرقات.
كما يمكن معرفة المزيد من المعلومات عن تلك اليرقات من خلال موقع قناة ناشيونال جيوغرافيك على الإنترنت، حيث يقدم الكاتب مايكل فينكل وصفا لزيارته لمنطقة “التبت” قبل عدة سنوات لمشاهدة حصاد تلك اليرقات بنفسه.
فقد تمكن الزوجان اللذان اصطحباه خلال رحلته من بيع 30 من تلك “الديدان” التي جُمعت بشق الأنفس، مقابل 580 يوان صيني، أو ما يساوي 90 دولارا أمريكيا.
بينما يبلغ ثمن رطل الديدان عالية الجودة من هذا النوع في المدن نحو 50 ألف دولار، كما يقول فينكل.
ليس عليك تناول كل هذا الكم دفعة واحدة بالطبع، لكن يُمكنك نقع تلك اليرقات في الماء واحدة تلو الأخرى، ثم إبقائها في محلول طبي خاص.
ويعد هذا العمل استثمارا يدر دخلا كبيرا، إذ تبلغ قيمة الدودة الواحدة، أو اثنتين منها، من عشرة إلى 15 دولار تقريبا، ولذا فهي تعرف أيضا في الصين باسم اليرقات الذهبية.
ويعادل هذا الثمن تقريبا نصف لتر من الآيس كريم المستورد، الذي يعد أحد المنتجات باهظة الثمن في متاجر الصين.
ودائما ما تُعرض هذه اليرقات ضمن مجموعة من المنتجات القيمة الأخرى، مثل خيار البحر الذي أدت شهرته في الصين إلى ظهور حالة من الاندفاع للحصول عليه في أجزاء أخرى من العالم، وهو ما أدى إلى قلة أعداده.
وقد شهدت اليرقات الذهبية وطفيلياتها أيضا كثيرا من الضغوط المماثلة، وبشكل متزايد.
فهذا النوع من التجارة يشبه تلك التجارة التي تؤدي لعمليات ذبح الأفيال وحيوانات وحيد القرن، إذ تباد هذه الحيوانات من أجل ما يُشاع عن الآثار المفترضة لتناول أنيابها وقرونها. ويعد ذلك سببا كافيا للتأثير على أعداد تلك الكائنات.
لكن ذلك الاندفاع للحصول على تلك اليرقات الذهبية يعد خطرا على بعض الأشخاص أيضا.
فقد قُتل شخصان بعد نزاع نشب بينهما في مدينة “نيبال” من أجل شراء تلك الديدان.
وقد وُضعت تلك اليرقات مؤخرا على قائمة الكائنات المهددة بالانقراض في الصين.
وقال تقرير أعدته قناة “سي إن إن” في عام 2016 إن هناك احتمالا لانخفاض الطلب على تلك الديدان بعد انتشار حملة مناهضة للفساد في الصين حاليا.
ومن بين أهداف تلك الحملة أن تمثل علبة الهدايا الكبيرة المليئة بتلك اليرقات الصينية التي تُهدى إلى أحد المسؤولين الكبار دليل إدانة له.
ولا تزال هناك حالة من الترقب لما يمكن أن يحدث للأسعار المرتفعة لتلك الفطريات، أو لتلك الفطريات نفسها، أو للمجتمعات التي باتت تعتمد على أرباح هذا النوع من الفطريات كمصدر رئيسي للدخل.
وقد زادت الأمور صعوبة بالفعل فيما يتعلق بالعثور على هذه اليرقات.
فعندما سافر كيفين فراير، المصور الصحفي الذي يعمل بوكالة غيتي للصور، لحضور عملية الحصاد هذه المرة، قال إن الأماكن التي اعتاد الناس أن يجدوا فيها مئات من تلك الفطريات كل يوم، أصبحت لا تخرج لهم أكثر من أربع أو خمس فطريات تقريبا في اليوم.
ودائما ما يحيط الغموض بأسباب نجاح أو فشل الأعمال التجارية المتعلقة بأطعمة الرفاهية.
فقد شهدت صناعة الكافيار في الولايات المتحدة في فترة سابقة ازدهارا كبيرا لعشرات السنين خلال القرن الماضي، ثم تلا ذلك انهيار مفاجئ، وفقا لما ذكرته ميشيل نيجوي في طيات قصتها المشوقة بعنوان “كافيار لاست ستاند” (أو الموقف الأخير للكافيار).
ففي تلك الفترة، تخطى إنتاج الكافيار في ولاية نيو جيرسي الأمريكية وحدها إنتاج أي منطقة أخرى على مستوى العالم.
وقد أدى التراجع الكبير في أعداد سمك الحفش – الذي يُستخرج منه الكافيار الأسود- إلى وضع حد لذلك الازدهار، وباتت التقلبات الحادة في ثروات منتجي الكافيار ظاهرة أساسية منذ ذلك الحين.
أما في الوقت الحالي، فبينما يواجه الأشخاص الذين يصنعون ثرواتهم من بيع تلك اليرقات الذهبية مأزقا واضحا، لا تزال هياكلها المجففة تباع بثمن سخي.
فقد بلغ ثمن الاثنين منها لدى ذلك الكشك الذي يبيعها بالقرب من أحد متاجر الخضروات جنوبي الصين، وخلال عرض لتخفيض الأسعار، 12 ألف يوان صيني، أو ما يعادل 1,800 دولار تقريبا.
وهذا بالفعل طبق غني بما يحتويه من طعام، مهما كانت العملة التي سوف تستخدمها للحصول عليه.