بخطّةٍ فريدة انتصر على 300 ألف من الروم بـ”اليرموك” وهو “معـ.ـزول”.. خالد بن الوليد الذي أقرّه أبو بكر وعـ.ـزله الفاروق عمر.. مواقف خالدة
بخطّةٍ فريدة انتصر على 300 ألف من الروم بـ”اليرموك” وهو “معـ.ـزول”.. خالد بن الوليد الذي أقرّه أبو بكر وعـ.ـزله الفاروق عمر.. مواقف خالدة
تحدثنا في تقريرٍ سابق عن الصحابي الجليل خالد بن الوليد المخزومي، وقصّته من قبل الإسلام وحتى إعلانه لإسلامه، مروراً ببروزه كقائد للمسلمين في مؤتة.
وبعد مؤتة وتطبيق خالد بن الوليد للخطة الشهيرة بالانسحـ.ـاب من أمام جيش الروم الذي كان يبلغ تعداده حوالي 200 ألف فارس، مقابل 3 آلاف مسلم، برز خالد بن الوليد كقائد عسكري في صفوف المسلمين رغم حدث إسلامه .
وبدأ خالد بن الوليد رضي الله عنه، يشارك المسلمين بصفته قائداً في جندهم، حتى أنه يوم فتح مكة المكرمة دخل وهو يقود إحدى سرايا جيش المسلمين.
بعد وفـ.ـاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، جاء أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأبقى خالد بن الوليد في مكانه، ثم بدأت حـ.ـروب الردة.
وكان من بين الراجعين عن دين الله، مالك ابن نويرة، وقد كان لا يقبل أن يدفع الزكاة التي كان يدفعها لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأبو بكر الصديق.
ويوجد خـ.ـلاف تاريخي بين مصير مالك بن نويرة، وما إن كان قد رحل مسلماً أم غير مسلم أو إن كان خالد بن الوليد قد ظـ.ـلمه.
وبعيداً عن موضوع خالد بن الوليد مع مالك بن نويرة، كونه موضوع سيطول الحديث فيه وهناك الكثير من المصادر التاريخية التي تتحدث بروايات مختلفة، فقد أكمل خالد بن الوليد مع رجال المسلمين إلى العراق.
وكان في العراق رجلٌ في المسلمين وهو القائد العظيم المثنى بن حارثة من بني شيبان من وائل، وقد كان على أطراف إمبراطورية الفرس ويقـوم بغـ.ــزو تخومه.
وبعد أن ذاع صيت المثنى بين المسلمين، ذهب المثنى للقاء خليفة رسول الله أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وطلب منه أن يستعمله (أن يعينه والياً) ومن معه من قومه لغـ.ـزو الفرس.
وبالفعل، وافق أبو بكر الصدّيق على إمارة المثنى، وفي وقتٍ لاحق أمدّه بخالد بن الوليد مع بعض سراياه.
ويحكى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كان عندما يشاهد المثنى يقول له مازحاً “أهلاً بمؤمّر نفسه”، أي الشخص الذي جاء لأبو بكر وجعل نفسه أميراً.
وبعد أن بدأت المـ.ـواجـ.ـهات بين المسلمين والفرس تتسع، طلب المثنى من أبو بكر المدد، فأرسل له خالد بن الوليد وجنده.
ويحكى أن خالداً في معـ.ـركـ.ـة “الولجة” أخرج الفرس قائداً منهم ذائع الصيت، وكان يعادل ألف رجل في نظرهم، فخرج له خالد بن الوليد وقـ.ـتـ.ـله بسهولة وقال “أتونا الغداء”.
عبقرية خالد بن الوليد في اليرموك
في تلك الأثناء، بدأ تقدم المسلمين لفتح الشام، وبدأت لقاءاتهم مع الروم، إذ كان المسلمون يقـ.ـاتـ.ـلون أعظم إمبراطوريتين على وجه الأرض آنذاك في وقتٍ واحد، وهما “الفرس والروم”.
فأرسل خليفة رسول الله أبو بكر الصديق رضي الله عنه لخالد بن الوليد بأن يتجه إلى الشام، ويلتحق بالمسلمين في “وادي اليرموك”، ويحكى أن أبو بكر قد قال حينها :” والله لأنسين الروم وسـ.ـاوس الشيـطـان بخالد بن الوليد”.
ولما وصلت رسالة أبو بكر لخالد، عزم على الاتجاه إلى الشام، وقد كان يرغب في الوصول بوقتٍ قصير، والطريق العادية ستستغرق وقتاً طويلاً سيجعل معه عنصر المفاجأة أمراً غير ممكن.
وقد كان بين امبراطورية الفرس والروم ما يشبه “المنطقة العـ.ـازلة”، وهي عبارة عن صحراء خالية ليس بها حياة ولا ناس، ولا يدخلها بشر.
وقد كانت تلك الصحراء تشكل طريقاً مختصراً، وفكّر خالد بن الوليد أن يجتاز الصحراء لسببين اثنين، الأول هو عنصر المفاجأة، والثاني هو اختصار الطريق وهو يرتبط بالأول.
بحث خالد بن الوليد عن دليل للصحراء، ودله الناس على رجل اسمه “رافع ابن عميرة” من طي، فقال رافع لخالد أن :” يا خالد، تريد أن تدخل الصحراء بالأثقـ.ـال والخيل، والله إن الراكب الفرد يخـ.ـاف على نفسه من هذه الصحراء وأن ستدخل بجيش”.
وحاول رافع أن يقنع خالد بن الوليد بالعدول عن الفكرة، لكن خالد قال له أن لا بد من ذلك، وأريد طريقاً أخرج به من خلف الروم، وبالتأكيد لن يكون الطريق العادي الذي تسكله العامة والجيوش العادية، والذي معه سيصل الخبر للروم قبل وصول خالد ومن معه.
وكان اختصار المسافة من العراق إلى الشام بخمسة أيام، وقد خطط خالد لاستخدام الإبل لشرب الجيش من رجال وخيل.
وقد أحضر عدداً كبيراً من الإبل، ووردها الماء مرتين متتاليتين، ولما شربت المرة الثانية وارتوت من الماء، قفـ.ـل أذون الإبل وربـ.ـط شفافها حتى لا تجـتـر” لتصبح الإبل بذلك بمثابة خزانات ماء متحركة مع الجيش، وهنا تمثلت عبقريته الفريدة.
دخل خالد بن الوليد الصحراء بجيشه بعد أن شرب الجيش والخيل، وكانوا يحتاجون لخمسة أيام حتى يقطعونها، والإبل تحمل الماء لخمسة أيام للجيش وأربعة أيام للجيش والخيل.
ومر اليوم الأول والثاني والثالث وكانت الأمور تسير بشكلٍ جيد، حيث كانوا يحلبون الإبل ثم يخرجون “كرشــتها” ويخرجون منها الماء ويخلطونه بالحليب ويشرب الرجال والخيل.
وفي اليوم الرابع لم يبقى من الإبل التي تحمل الماء، وكان رافع قد أشار لهم أنهم عندما يصلوا لنقطة معينة في الصحراء سيجدون هناك بئر ماء.
ولما وصلوا المكان الذي وصفه رافع، قال لهم ابحثوا عن شجرة هنا، فهذا هو المكان وقد قدمت إليه وأنا صغير وشاهدتها، فلم يجدوها، فقال رافع “إنا لله وإنا إليه راجعون هـ.ـلكـ.ـتم وهـ.ـلكـ.ـت معكم”، وطلب منهم البحث عنها.
فطلب خالد بن الوليد من الجيش الانتشار بحثاً عنها، وبالفعل تم العثور على جذعها في مكان قريب من وصف رافع، فطلب رافع منهم أن يتم الحفـ.ـر تحتها، فوجدوا الماء هناك، واستمر مسير الجيش.
وصل جيش خالد بن الوليد كما كان مخططاً له من خلف خطوط الروم، وكانت جيوش المسلمين الأخرى من أمامهم، فأصبحت الروم بين المسلمين من جانبين.
وقد وضع خالد بن الوليد خطةً عظيمة لـ” اليرموك” أدّت إلى نصر المسلمين الذي غيّر مجرى التاريخ على الرغم من أن جيش الروم كان حوالي 300 ألف وجيش المسلمين حوالي 41 ألف فقط.
ويقول تقرير مصور لقناة الجزيرة أن خالد بن الوليد طـ.ـارد من تبقى من جند الروم بعد نصره عليهم، حتى حشـ.ـرهم في وادي الرقاد السحـ.-يق فتسقـ.ـاطوا فيه قتـ.ـلـ.ـى بعشرات الآلاف بعد أن برع في إغلاق منافذ النهر عن جيش الروم، وأسلوب الإغـ.ـراق لغايات عسكرية يدرس حتى اليوم في كبرى الأكاديميات العسكرية.
وسنتحدث بتفصيلٍ أكبر عن “اليرموك” في تقريرٍ مفردٍ لها، نظراً لأهميتها العالمية والإسلامية وكثرة التفاصيل التي تستحق أن تروى فيها، وسنكمل الآن عن:
عمر بن الخطاب ينزل خالد بن الوليد عن إمارة الجيش
وكان هناك مشاورة بين عمر بن الخطاب وأبو بكر بخالد بن الوليد، فكان عمر بن الخطاب يطالب بإنزال خالد عن قيادة الجيش كون الناس بدأت تظن أن النصر من عند خالد وليس من عند الله، وكان أبو بكر يرد أنه “لا أغمد سيـ.ـفـ.ـاً سلّـ.ـه الله على الكـ.ـافرين”.
وبعد أن أصبح عمر بن الخطاب خليفة للمسلمين بعد أبو بكر الصديق أنزل خالد بن الوليد عن الجيش وجعل أبو عبيدة بدلاً منه.
كان المسلمون قريبون من بدء معـ.ـركـتـ.ـهم الفـ.ـاصلة “اليرموك” مع الروم، فلما وصلت رسالة عمر بن الخطاب لأبو عبيدة التي تخبره بأنه القائد وأن خالد بعده، لم يتحدث أبو عبيدة بالخبر خـ.ـوفـ.ـاً من أن يوهـ.ـن من عزيمة المسلمين، وكان يتشاور في الأمر مع بعض الصحابة.
وصل الأمر بعد ذلك إلى خالد بن الوليد، فذهب إلى أبو عبيدة وقال له :” يغفر الله لك يا أبو عبيدة، أتاك كتاب أمير المؤمنين بالولاية فلم لم تعلمني وأنت تصلي خلفي والسلطان سلطانك”، في إشارة إلى العراف السائد آنذاك بأن يقوم أمير الجيش بإمامة المسلمين في الصلاة.
وسلم خالد بن الوليد القيادة لأبو عبيدة، ويحكى أنه قال :” الحمد لله الذي ولّى عمر بن الخطاب وألـ.ـزمني حبّه”، وقد كان خالد بن الوليد من بني مخزوم وهم من أخوال عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
قصة عمر بن الخطاب مع خالد بن الوليد عندما أجاز الشاعر
من أهم الأمور التي حدثت في عهد عمر بن الخطاب، عندما قام خالد بن الوليد بإجازة الشاعر الأشعث بن قيس بـ 10 آلاف درهم، وقد كان عمر بن الخطاب يدقق كثيراً على ولاته، ولما وصله الأمر كتب لأبو عبيدة أن يسأل خالد من أين أجاز الشاعر؟.
ولما وصل الأمر لأبو عبيدة، استدعى أبو عبيدة خالد للمسجد وسأله أمام الصحابة من أين أجزت الشاعر يا خالد؟ من مالك أم من إصـ.ـابة أي من مال أخذه من الناس؟.
لم يجب خالد بن الوليد، فقام بلال بن رباح رضي الله عنه إلى خالد ورفع العمامة عن رأسه، وقال إن أمير المؤمنين أمرك فيك بكذا وكذا فأجب، فأجاب خالد من مالي، أجزته من مالي.
فقام خالد بإعادة عمامة خالد، وهو يقول :” نسمع لولاتنا ونخدم موالينا”، وقالوا الحكم بك يا خالد نصف مالك، فأجاب ما “أنا الذي أعصـ.ـي أمير المؤمنين”، وقد كان خالداً والياً على قنسرين وقد تم عـ.ـزله من منصبه.
وبعد ما حصل، قال عمر بن الخطاب مرسلاً لخالد يقول له :” والله يا خالد أنك علي لكريم وإنك علي لحبيب” وأرسل عمر لولاته ليخطبوا بالناس على المنبر أننا “لم نعـ.ـزل خالد عن خيـ.ـانـ.ـة أو سخـ.ـط ولكن فتـ.ـن فيه الناس وخشـ.ـيت أن يوكلوا إليه”.
يذكر أن خالد بن الوليد دخل مئة معـ.ـركـ.ـة وانتصر بها جميعاً، وولد قبل الهجرة، وتـ.ـوفـ.ـي في حمص حيث مقامه هناك، على فراشه، وله المقولة الشهيرة.
مقالات ذات صلة: