منوعات

معارض للنظام.. عمل في توصيل البيتزا بأمريكا.. وتصدر لهوليود بعدها.. قصة الفنان جهاد عبدو وحكاية خروجه من حكم الأسد

معارض للنظام.. عمل في توصيل البيتزا بأمريكا.. وتصدر لهوليود بعدها.. قصة الفنان جهاد عبدو وحكاية خروجه من حكم الأسد

لم يكن ذاك الأميركي يدرك أن عامل توصيل البيتزا الخمسيني الذي جاءه هو أحد نجوم الدراما في سوريا والعالم العربي، وبعد بضعة أشهر سيخطو أولى خطواته إلى هوليود

إنه الممثل السوري جهاد عبده الذي هاجر إلى الولايات المتحدة بسبب موقف أخلاقي حين قرر الانحياز إلى مطالب أبناء بلده البسيطة في الحرية الكرامة.

ولد بمدينة دمشق مطلع ستينيات القرن الماضي، وشارك في عشرات الأعمال التلفزيونية والمسرحية والسينمائية السوريّة.

وخلال السنوات السبع الماضية، شارك بعدد من الأعمال العالمية، ومنها دور رئيسي إلى جانب النجمة العالمية نيكول كيدمان بفيلم مملكة الصحراء، ومشاركته في فيلم أدى دور البطولة فيه توم هانكس، وآخرها دور بطولة في فيلم “الابن البكر” إلى جانب الممثل العالمي فال كيلمر بطل فيلم “باتمان للأبد”. كما ترشح فيلما “بون فوياج” و”عالقبلة” للأوسكار، ونال عن الأخير جائزة الأوسكار للطلبة.

وحول أسباب نجاحه في أمريكا بعدما لمع نجمه في هوليود مع أنه لم يكن في الصف الأول في بلده، علّق عبدو: “في بلاد القـ.هـر لايمكن لاي فنان أو كاتب أن يلمع نجمه إلا إذا سار مع التيار.

أما من له موقف مشرف اضـ.طر إلى المغادرة، أو دفع ثمـ.ناً باهـ.ظاً بسبب بقاءه، وأضاف أنه حين كان في سوريا أوائل الثورة، اتصل به الأمن مرات عديدة، وسأله عن سبب تأخره في الظهور على الشاشات لتأييد نظام الأسد ودعمه.

ويضيف أنه اتهـ.هم نظام الأسد علناً بالمسؤولية عن مقـ.تل واخـ.تـ.فاء وتغـ.يـ.يب كثير من السوريين في مقابلة مع صحيفة لوس انجلس تايمز.

ويروي جهاد ما حصل معه قائلاً: “اتصل بي أحدهم بعد المقابلة، وطلب مني أن أظهر فوراً على شاشة الفضائية السورية، فأدركت أن الأمر أصبح خـ.طـ.راً على حياتي، وشعرت بأن دوري قد جاء، فغادرت إلى القاهرة على الفور.

وأوضح عبدو أنه تلقي تـ.هـ.ديدات بعد ذلك في أمريكا حيث التحقت به زوجته، مضيفاً: كنت أحاول دوماً الابتعاد عن الانـ.زلاق في خنـ.دق السلطة وهذا ماجعلني غير مرغوب به في الآونة الأخيرة.

واعتبر الفنان السوري أن السياسات الأمريكية، خيبـ.ت آمال السوريين تجاه مايحدث في بلادهم، قائلاً إن الأمل ضعيف جداً في تغيير الإدارة الأمريكية، سياستها في هذا المجال.

ليس هيّناً ولا سهلاً التخلي عن مكتسبات الشهرة، كيف ولماذا فعلتها؟

كنت مرتبكا حائرا عندما غادرت سوريا، أقنعتني زوجتي بالمغادرة السريعة حفاظا على سلامتي. كنت سعيدا لأنني سألتقي بزوجتي بعد غياب خمسة أشهر، وكنت مليئاً بأمل العودة إلى سوريا ديمقراطية حرة.

هل تلقيت عرضا للعودة؟
نعم، لقد عرض علي أكثر من مرة أن أعود للمشاركة في أعمال تلفزيونية أو لمجرد العودة والاستقرار.

ماذا أضافت لك تجربة العمل بمهن عادية وماذا أخذت منك؟

عملت في توصيل الورود والبيتزا كما عملت كسائق سيارة أجرة وقد أحببت جدا أن أكون سائقا، كانت فرصتي في التعرف على المجتمع الأميركي والتحدث مع مختلف الشرائح، ‏هذه التجربة جعلتني أحس بإنسانيتي أكثر، وكسرت هذا الوهم الذي تشربه الفنان في بلادنا البائسة.

لقد عشت تجربة أهل بلدي ‏المساكين الذين يكدحون ليل نهار من أجل قوت يومهم كما ساعدتني هذه الأعمال لاكتشاف ذاتي وقدراتي وأنا في الـ 55 من عمري، نجحت في تحطيم الأنا التي نحملها ‏في دواخلنا كفنانين في دول وعوالم لا تحترم الإنسان ‏ولا تقدس العمل.

عن هذا الوهم، لم برأيك انحاز قلة من الممثلين السوريين للثورة؟

من الصعب جداً أن يغامر الفنان أو سواه بمجد بناه خلال سنين، خاصة أننا نعيش في بلد لا يقدر العمل والإبداع. أضف إلى ذلك أن بعضنا قد وصل إليه بمساعدة نافذين في الحكومة وهو مدين لهم بذلك. ثم إن الانحياز لمطالب الشعب قد كلفنا كل شيء، حتى أن بعضنا قدم حياته مقابل موقفه.

‏لقد صدمت بكثير من الأقوال والأفعال التي ‏صدرت من بعض الفنانين ولكنني كنت أتوقع ذلك، فالبشر يختلفون في تقييمهم ومفاضلتهم لما هو قيم بهذه الحياة. وما زادني تصميما وإصرارا على المضي قدما في مساندة شعبي ودعم حقه في الحصول على أبسط حقوق المواطنة هو وقوف زوجتي إلى جانبي. كل إنسان منا إما أن تمن الحياة عليه بملائكة تصوب مساره أو تغضب عليه أحيانا بشياطين تأخذه صوب الهاوية.

الحرية ملح الإبداع، كيف تصف الفرق بين عملك هنا وسوريا سابقا؟

كان هامش الحرية ‏المتاح للفنان بسوريا ضيقا جدا، وكنا نحاول أن ‏نتجاوز الخطوط الحمراء، وكان هذا صعبا جداً ‏لأن الحرية في التعبير التي نريدها ليست الحرية التي يسمح بها أي نظام دكتاتوري غايته العليا الحفاظ على مصالحه حتى ولو جر شعباً بالكامل للهاوية.

‏في أميركا هامش الحرية مختلف جداً، وهذا ما يفتح مجالا أكبر للإبداع على كافة الصعد. لكن الأمور هنا معقدة بشكل كبير تبعا للنظام الاقتصادي المتبع في هذه البلاد، لكن لا مجال لمقارنة هامش الحريات في البلاد المتحضرة مع أي بلد دكتاتوري.

قلت بتصريح سابق أنك لن تتوانى عن دعم حقوق الشعب السوري، كيف؟

النجاح أولاً، والتذكير بقضية الشعب السوري في كل المنابر العالمية. الإعلام مهم جدا وهو سلاح خطير بيد كل الجهات في عصرنا هذا. لذلك يجب أن يكون لك مصداقية كبيرة حتى توصل صوت شعبك المكلوم لكل العالم.

صف لنا تجربتك بهوليود وقد بدأت تؤدي أدوارا رئيسية إلى جانب نجوم عالميين؟

‏إحساس رائع يعطيني الثقة بالنفس ويؤكد لي أنه ما صبرت عليه في بلدي بدأت أحصد نتائجه في هوليود. العمل الدؤوب والإصرار وعدم إضاعة الوقت تجدي نفعا ولو بعد حين.

البداية كانت بتلمس واكتشاف المكان، كل شيء مختلف، لكنني شاركت بمجموعة أفلام تخرج لطلاب عرب بجامعات لوس أنجلوس. كما شاركت بدورات للتمثيل أمام الكاميرا وبعض دروس الارتجال على خشبة المسرح.

أين سوريا من المواضيع التي تعالجها هوليود؟

سوريا وما جرى فيها للشعب يلهم كثيراً من الفنانين في العالم. أي مادة ستكون جديرة بالعرض، لكنني أفضل دوماً ما خفي على الجمهور العربي وحول العالم من ترتيبات سياسية ودولية في الكواليس، وكم الظلم والخداع الذي تعرضت له شعوب المنطقة والعالم.

نجاحك يُلهم كثيرا من السوريين، ماذا تقول لهم؟

تجربة قاسية جدا، كل واحد منا يجب أن يكون مثالاً للآخر، يجب أن ننجح‏ ‏لنثبت لأنفسنا ولغيرنا أننا نستحق حياة أفضل في بلادنا وفي العالم وفي أي مكان آخر. أما أنا فما زلت في بداية الطريق وأمامي الكثير الكثير لأحققه. نعم أنا في بداية الطريق وسعيد أنني مشيت أولى خطواتي في الطريق الذي أصبو إليه وأتمنى ذلك لكل مجتهد.

كلمة أخيرة
‏الثورة تبدأ من كل شخص فينا، الثورة سلوك، الثورة فكر، الثورة رفض لكل ما هو تقليدي أعمى، وبحث عن كل خير وعدالة تقدم خيراً للبشرية جمعاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock