يا صبحة هاتي الصينية.. الأغنية التي كادت تشـ.ـعل حـ.ـرباً بين صدام وحافظ.. ما قصتها؟ (فيديو)
رصد-متابعات
يا صبحة هاتي الصينية.. الأغنية التي كادت تشـ.ـعل حـ.ـرباً بين صدام وحافظ.. ما قصتها؟ (فيديو)
ربما سيكون حـ.ـظر أي شيء عن جيل الربيع العربي وابن ثورة المعلومات وشبكة الإنترنت، ومن بينها مواقع التواصل الاجتماعي، مستحيلاً اليوم،
مع سرعة الوصول لأي شيء مهما سعت السلـ.ـطات إلى حظره ومنعه، وقد حدث ذلك مع بداية الربيع العربي؛ إذ تمكن الشـ.ـباب العرب من الوصول بدقائق إلى كتب أو روايات سياسية كانت قد منعت عبر الشبكة العنكبوتية.
وربما سيستغرب الجيل القديم أنّ مستبداً ما قد استخدم أغنية أو مسلسلاً أو فيلماً بسبب ضيق وصول المعلومة في ذلك الزمن واقتصارها على الإعلام الرسمي، وذلك لإغاظة الطرف الآخر بسبب صراع سياسي بين الدولتين، ولأسباب شخصية ومناكفات، ما كان له أثر بالغ في العلاقات الدبلوماسية،
فقد تسببت السيدة “صبحة طلفاح المسلط”، والدة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، بمنع أغنية نالت شهرة واسعة في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وهي “يا صبحة هاتي الصينية” للفنان السوري موفق بهجت.
ممنوعة في العراق
وقال الكاتب والمدون السوري خطيب بدلة في مدونة له بصحيفة العربي الجديد، في سبتمبر 2017،
إنّ “هذه الأغنية أحدثت إشكالية أمنية في العراق، فكانت كفيلةً بإرسال مَن يُضْبَط متلبساً بغنائها إلى المعتقل، بتهمة السخرية من (أم المناضلين)، والدة صدام حسين”.
وأضاف: “في منتصف الثمانينيات، وأثناء تنظيم معرض عن حياة السيدة (صبحة طلفاح) والدة صدام، وبحضور عددٍ كبيرٍ من الزائرين، وبعد الافتتاح،
انطلقت أغنية موفق بهجت في القاعة (يا صبحة هاتي الصينية)، فأرغى خير الله طلفاح، خال صدام، وأزبد، واعتبر أن بث هذه الأغنية إنما هو للسخرية من (أم المناضلين)، فأحال مديرة المعرض إلى مجلس تحقيقي، وعاقب جميع موظفي القاعة”.
ووصلت المناكفات والصراعات بين صدام حسين ورأس النظام السوري السابق حافظ الأسد، القادمين من خلفية سياسية واحدة (حزب البعث العربي الاشتراكي)،
إلى حد استخدام مثل هذه الأغاني أو الإشارة إلى النسب الرفيع بهدف الإغاظة واستمرار العداء، حيث كان كل طرف يدعم معارضة الآخر.
ولفت “بدلة” في تدوينته إلى أنّ “حافظ الأسد عُرف بلقب (أبو سليمان) متكنياً باسم جده الثاني الذي ينقطع نسبه عنده، هذا الأمر كان قد عيره به صدام حسين في القمة العربية عام 1982 قائلاً له: أتحداك أن يُذكَر جدك الثالث”.
حافظ الأسد ينتهز الفرصة
ربما لم ينسَ حافظ الأسد ذلك التعيير في نسبه ولقبه، خصوصاً أن صدام لطالما افتخر بقبيلته التكريتية المعروفة و”الأصيلة”، في حين أنّ الأسد الأب لم يكن لديه ذلك، فعندما سمع بمنع الأغنية المذكورة في العراق بات يهتم فيها ويطلب بثها ليلاً ونهاراً في سوريا.
وذكر الكاتب السوري فؤاد عبد العزيز، في مقال له بصحيفة “زمان الوصل” السورية، في 27 يوليو 2019، أن عراقياً روى له أنّ “صدام لم يمنع بثها على الإذاعة والتلفزيون فحسب، وإنما منع الدندنة بها في المنازل وفي الشوارع، وقد تصل عقوبة من يسمع وهو يغنيها إلى الهلاك”.
وقال عبد العزيز: إنّ “صديقاً من قيادات الحزب (البعث السوري) في الثمانينيات، قال لي: إن حافظ الأسد التقط فكرة انزعاج صدام حسين من الأغنية،
فأوعز للإذاعة والتلفزيون السوري بأن يبثاها أكثر من مرة في اليوم، ثم تم الطلب من موفق بهجت أن يعيد تصوير الأغنية في الثمانينيات، والتي يعود تاريخها للعام 1973”.
وأضاف أنه “تم الطلب من أم عمار (المذيعة السورية الشهيرة ماريا ديب)، أن تبث الأغنية كل خميس في برنامجها (ما يطلبه الجمهور)، حتى لو لم يطلبها أحد.. كون بث التلفزيون السوري كان يصل إلى المناطق الحدودية العراقية”.
وأردف الكاتب أنّ “موفق بهجت كان ضيفاً دائماً على جميع الحفلات الغنائية التي كان يحييها أو يبثها التلفزيون (السوري)،
ومطلوب منه أن يغني (يا صبحة) وأن يتنغم بها، مع الإطالة ما استطاع، وأحياناً كان يغنيها أكثر من مرة في الحفلة الواحدة”.
وأشار إلى أنه التقى بهجت ذات مرة في منتصف التسعينيات في أحد المطاعم، بدعوة من أحد الأصدقاء، وكان مزعوجاً بشدة وهو يتحدث إلى شخص بجانبه،
ويقول له: إن “توجه القيادة السياسية للتركيز على أغنية وحيدة له وبثها كل يوم أضر بفنه كثيراً، الذي لم يصل منه للناس سوى أغنية (يا صبحة).
وأكمل نقلاً عن بهجت أن “الناس في الشارع أصبحت تناديه عندما تراه بـ (يا صبحة)، وكلما خرج إلى المسرح، وقبل أن يغني أي شيء يعلو الصياح بـ (يا صبحة)،
ثم بعد قليل نظر إلينا، نحن الموجودين على طاولته، فكشر عن ابتسامة عريضة، وأخذ يغني بصوت مرتفع، بلا موسيقى طبعاً: (يا صبحة هاتي الصينية)، بينما كل من في المطعم أخذوا يردون عليه بالدق على الطاولة”.
أغانٍ أخرى محظورة
ولم تكن تلك الأغنية حالة نادرة، فقد منعت أغانٍ كثيرة في العالم العربي، إذ كانت أغنية “الشام لولا المظالم كانت فوق المدن جنة”، قد تسبب لصاحبها الاعتقال مع بداية الثورة السورية، وفق ما قال عارف عبد القادر لموقع “الخليج أونلاين”.
وأضاف عبد القادر أنّه كان بمدينته بريف دمشق يسير بسيارته مع بداية الثورة السورية، ويستمع لأغنية الفنان السوري الشعبي (أبو رياح) الشام لولا المظالم، وصادف أن مرت دورية وسمعتها، فاعتقلته وزجت به في المعتقل أسبوعاً.
وكذلك في مصر التي حُظر فيها غناء كل ما له علاقة بالظلم، وإن كان المقصود منها المحبوب، مثل “يا ظالم” للعندليب المصري عبد الحليم حافظ، و”ظلموني الناس” للسيدة أم كلثوم، و”يا ظالم لك يوم” للموسيقار الشهير محمد عبد الوهاب.
ويذكر أن أغنية الفنانة اللبنانية صباح “بياع كلام” مُنعت في مصر، لأن حزب البعث العراقي كان يبثها عقب كل خطاب للرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر، في إشارة إلى الهزائم التي كان يُمنى بها.
المصدر: الخليج أونلاين