قام بفعل غير مسبوق في تاريخ سوريا.. من هو الرئيس المسيحي الذي حكم سوريا 24 ساعة؟
رصد بالعربي // متابعات فريق التحرير
قام بفعل غير مسبوق في تاريخ سوريا.. من هو الرئيس المسيحي الذي حكم سوريا 24 ساعة؟
قام بفعل غير مسبوق في تاريخ سوريا حين تسلم السـ.ـلطة رغم أن الدستور ينص انذاك على كون الرئيس من الطائفة المسـ.ـلمة.. من هو الرئيس المسـ.ـيحي الذي حكم سوريا 24 ساعة؟ في ظروف متقلبة إليكم التفاصيل الكاملة في سياق هذا التقرير .
سمات أساسية لمرحلة ما بعد الاستقلال تعيشها الدول، ما بين فـ.ــ.ـوضى عارمة وتظـ.ـاهرات تجوب البلاد واضـ.ـطرابات قد تنتهي بتدخل عسـ.ــ.ـكري.
هذا بالضبط ما حدث في سوريا بعد الاستقلال فبعد انقـ.ــ.ـلاب العقيد أديب الشيشكلي في 1951 سطع اسم “سعيد اسحق”، المفارضة هنا ليست في استلامه لمنـ.ــ.ـصب رئيـ.ــ.ـس الجمهورية لمدة لا تتعدى اليوم الواحد أي 24 ساعة، لكن لأنه كان الوحيد الذي يدين بالمسـ.ــ.ـيحية وقد تولى هذا المنصب.
ولد رئيس الجمهورية المؤقت –جدًا-، في مدينة ماردين ومن ثم انتقل إلى مدينة عامودا بشمال شرقي سوريا بعد أن صدر قرار بضم ماردين التي ولد بها إلى تركيا، ينتمي اسحق لطـ.ــ.ـائفة السريان الأرثوذكس.
ونظرًا للظروف السياسية المحيطة حتى عام 1928 لم يستقر في مكان واحد، دخل مجال العمل السياسي واُنتخب كرئيس للمجلس البلدي لعامودا، ثم ترشح للمجلس النيابي وفاز.
بحلول ديسمبر 1949 تم انتخابه كمراقب للجمعية التأسيسية والتي تحولت فيما بعد إلى مجلس نواب، في أكتوبر 1951 انتخب كنائب لرئيس مجلس النواب.
وعندما نفذ الجيش انقلابه في 29 نوفمبر 1951، قام رئيس الحكومة بتقديم استقالته إلى رئيس الجمهورية، وبعدها قام رئيس الجمهورية بتقديم استقالته للنائب الأول لرئيس مجلس النواب –الذي هو سعيد اسحق- وذاك لأن رئيس مجلس النواب كان تحت الاعتـ.ــ.ـقا.ل.
أصدر العقيد الشيشكلي أول بلاغ له، وتضمن حل مجلس النواب وبموجب المادة رقم 87 من الدستوري السوري –آنذاك-، ومفادها إن رئيس مجلس النواب يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية، وفي حالة الو.فـ.ــ.ـاة او الاستقالة ينتخب مجلس النواب رئيسًا جديدًا، أما إذا كان مجاس النواب منحلًا أو تبقى شهرين على نهاية مدته فرئيس المجلس يستمر في صلاحياته المذكورة.
وبناءًا عليه تولي سعيد اسحق منصب رئيس الجمهورية لمدة 24 ساعة من 2 ديسمبر 1951 وحتى 3 ديسمبر 1951 حيث أنه النائب الأول لرئيس مجلس النواب وحيث أن الأخير يقـ.ــ.ـبع بالسـ.ــ.ـجـ.ــ.ـن، فسعيد يحل محله.
وبعد مرور 24 ساعة على تولي سعيد اسحق رئاسة الجمهورية صدر مرسوم من العقيد الشيشكلي بتولي رئيس الأركان العامة فوزي سلو رئاسة البلاد.
في الوقت الذي يشترط الدستور على رئيس الجمهورية أن يكون مسلمًا، كان سعيد قد تولى رئاسة الجمهورية ليوم واحد فقط.
ويقول المؤرخ والصحفي شمس الدين العجلاني: “الرئيس إسحق كان وطنياً إلى حد الإدمان”، وقال أيضًا عنه الأديب عيسى فتوح إن “هذا الرجل الوطني الفذ لعب دوراً مهماً في الحياة الوطنية والسياسية في سورية مدة نصف قرن تقريباً، فاشترك في النضال ضد المستعمر التركي ثم الفرنسي، ودخل السـ.ــ.ـجـ.ــ.ـن أكثر من مرة، حتى استطاع أن يصنع لنا الاستـ.ــ.ـقلال الذي ننعم به اليوم، مع حفنة من أصدقائه المخلصين”.
تو..فـ.ــ.ـي إسحق في الولايات المتحدة في العام 1989، بعد صـ.ــ.ـراع مع المـ.ــ.ـرض دام خمسة أعوام وأرسلت السفارة السورية في واشنطن العلم السوري ليلف جـ.ــ.ـثـ.ــ.ـمانه به
المصدر مصراوي
رئيس سوري نجا من حـ.بل المـ.ـشـ.ـنـ.قة ثلاث مرات وتنازل عن الحكم
أعلن فيه تنازله عن رئاسة الجمهورية العربية المتحدة للرئيس جمال عبد الناصر رئيس سوري نـ.ــ.ـجـ.ــ.ـا من حبل المـ.ــ.ـشـ.ـنـ.ــ.ـقة ثلاث مرات وتنازل عن الحكم إليكم قصة حياته في سياق هذا التقرير .
“تنفيذا لإرادة شعب الجزأين العربيين الغاليين، أرى من واجبي ونحن قادمون على الاستفتاء الشعبي المقرر لانتخاب رئيس الجمهورية العربية المتحدة، يوم الجمعة 21 فبراير/شباط 1958، أن أكون المواطن الأول، في الدولة الجديدة، الذي يرشح سيادة الرئيس جمال عبد الناصر رئيسا لها”
كان هذا جزءا من الخطاب التاريخي الذي ألقاه الرئيس “شكري القوتلي” في مجلس النواب السوري، والذي أعلن فيه تنازله عن رئاسة الجمهورية العربية المتحدة للرئيس جمال عبد الناصر.
ليصبح أول وآخر رئيس عربي يتنازل عن الحكم، ليسجل القوتلي سطرا جديدا في وصف ملامح الرجل العربي والسياسي الأكثر جـ.ــ.ـدلا في التاريخ الحديث.
فقد كان نضـ.ـال القوتلي من أجل حصول سوريا على الاسـ.ــ.ـتقلال، وخلال رحلته الطويلة نجا من وضع حبل المـ.ــ.ـشـ.ـنـ.ــ.ـقة حول عنـ.ــ.ـقه ثلاث مرات، وعدّل الدستور لمد فترة رئاسته لولاية ثانية، قبل الانقـ.ــ.ــ.ـلاب عليه من قِبل “حسني الزعيم”.
وبعد خمس سنوات، عاد إلى الحكم مرة أخرى، لكنه هذه المرة تنازل عنه طـ.ــ.ـواعية في سبيل الوحدة مع مصر.
فمن يكون ذلك الشخص الذي تنازل بكل سهولة عن رئاسة دولة ضحـ.ــ.ـى من أجلها كثيرا، كما أنها ليست أي دولة، بل بلد سيتقـ.ـاتل حول سلطتها الآلاف ويمـ.ــ.ــ.ـوـ.ـت مئات الآلاف ويُشـ.ــ.ــ.ـرّد الملايين بعد قيام ثــ.ـ.ـورة مارس/آذار 2011 في سوريا؟
في 21 أكتوبر/تشرين الأول لعام 1891 في حي الشاغور بدمشق القديمة، وُلد “شكري بن محمود بن عبد الغني القـ.ـوتلي” أول رئيس لسوريا بعد الاستقلال، لعائلة من التجار ومُلاك الأراضي نـ.ــ.ـزحوا من العراق إلى سوريا منذ ستة قرون.
وكانت لهذه العائلة مكانة مرموقة في المجتمع العربي، إذ كان “محمد سعيد القـ.ـوتلي” شقيق جد القـ.ـوتلي من ضمن الشخصيات التي دعاها الخديوي إسماعيل لحضور حفل افتتاح قناة السويس.
في هذا البيت نشأ القوتلي محبا للغة العربية، ليلتحق بمدرسة “الآباء العازاريين” بدمشق، لاهتمامها بدراسة اللغة العربية، وبعد إنهاء دراسته فيها، انتسب إلى مدرسة “ثانوية عنبر” بدمشق.
وبعد إتمام دراسته، اشترك في مسابقة الكلية “الشاهانية” بإسطنبول، أفضل مدرسة للعلوم السياسية والإدارية في الدولة العثمانية آنذاك.
كانت المسابقة عبارة عن امتحان لاختبار الطالب قبل قبوله في الجامعة، وقد تقدم للمسابقة 350 طالبا، نجح منهم 40طالبا، كان ترتيب القوتلي هو الخامس بينهم، ليلتحق بها عام 1908، العام الذي أعلن فيه الدستور العثماني، وهو المحطة التي شكّلت بداية القـ.ــ.ـوتلي في العمل السياسي.
فبعد عام من إعلان الدستور، أسس مع مجموعة من رفاقه “المنتدى الأدبي” بإسطنبول الذي ضم مجموعة من الشباب العربي، هـ.ـدفهم الدفاع عن مصالح العرب، وتكوين كيان عربي واحد.
وعارض المنتدى سياسة حكم السلطان عبد الحميد الثاني، وأيّد انقـ.ـلاب جمعية الاتحاد والترقي عليه، واستطاع تثبيت أقدامه في العمل السياسي، وانضم إليه العديد من الشباب من مختلف الدول العربية.
لكن هذه البداية الجريئة في ميدان العمل السياسي كادت أن تقضـ.ــ.ـي على حياته كلها.
عاد القوتلي إلى دمشق عام 1913 بعد تخرجه في الكلية، وهناك التحق بالعمل في ديوان “الولاية”، إذ كان يُفرض على خريجي الكلية التدرب لمدة ثلاث سنوات على أعمال الإدارة هناك، لكنه سرعان ما قدم استقالته رافضا تقبيل يد الوالي، إذ كان يفرض هذا البروتوكول على الموظفين آنذاك.
ليكون هذا الأمر سببا في عودته من جديد إلى نضـ.ـاله السياسي، وانضمامه إلى جمعية العربية الفـ.ــ.ـتاة السـ.ــ.ـرية المحـ.ـظورة، التي تأسست عام 1911 في باريس.
وفي عام 1913 أصبح للجمعية فرع في دمشق انضم إليه القوتلي، وقد نجحت الجمعية في ضم الكثير من السوريين لها، للعمل من أجل إنهاء تبعية سوريا للدولة العثمانية، في ذلك الوقت زار الأمير فيصل دمشق، وانضم إلى عضويتها، وعقد مع أعضائها عدة اجتماعات من أجل توحيد الجهود لمقـ.ـاومة الدولة العثمانية.
وكانت نتيجة تلك الجهود السياسية أن ألقت السـ.ــ.ـلطات العثمانية القـ.ــ.ــ.ـبض على القوتلي وبعض من رفاقه، وبعد فترة أُطـ.ــ.ـلق سـ.ــ.ـراح القوتلي لمراقبته ومعرفة باقي الأعضاء.
لكنهم فشـ.ـلوا في الوصول عن طريقه لأيٍّ منهم، فعاد إلى السـ.ــ.ـجـ.ـن من جديد، وهناك تعرض لضغط رهـ.ــ.ــ.ـيب، بين التحـ.ــ.ـقيق والتعـ.ــ.ـذـ.ـيب من جهة، وبين إخلاصه لرفاقه من جهة أخرى، فقرر الانـ.ــ.ـتـ.ـحـ.ـاـ.ـر خـ.ــ.ـوفا من الاعتراف عليهم.
وعلى إثر ذلك نُقل إلى المستشفى وظل فيها لمدة شهر، ثم عاد إلى السـ.ــ.ـجـ.ــ.ـن مرة أخرى، وصدر ضـ.ــ.ـده حكم بالإعــ.ــ.ـ.ـدام، لكن لم يُـ.ــ.ـنفّذ بسبب قيام الشريف حسين بالثـ.ـورة العربية الكبرى عام 1916، إذ هـ.ــ.ـدد بإعـ.ــ.ـدـ.ـاـ.ـم الضباط والجنود الأتراك، الذين أخذهم كأسـ.ـ.ــ.ــرى حــ.ـ.ـرب، وعلى إثر ذلك أُفـ.ــ.ـرج عن القوتلي ورفاقه وأُسقـ.ـط عنه حكم الإعـ.ــ.ـدام.
في أثناء ذلك، نجحت الثـ.ـورة العربية الكبرى في إسقاط الحكم العثماني في سوريا، وأصبح الملك فيصل حاكما لإقليم سوريا، وأمر القوتلي بتشكيل حكومة ولاية دمشق.
في هذه الأثناء كانت بريطانيا وفرنسا قد وقّعتا معاهدة سايكس بيكو لتقسيم الدول العربية، ووقعت سوريا من نصيـ.ـب فرنسا، التي أنهت حكم الملك فيصل في سوريا وحكمت بدلا منه، لتدشين بداية فترة الاستعـ.ـمار الفرنسي في سوريا.
خلال هذه الفترة، أسس القـ.ـوتلي حـ.ـزب الاستقلال عام 1918، الذي يُعد استمرارا لجمعية “العربية الفتاة”، من أجل التوحد لمحـ.ـاربة الاحـ.ــ.ـتلال الفرنسي على سوريا، وفي 26 أبريل/نيسان 1920 عقد مؤتمر سان ريمو، وفيه نالت فرنسا انتدابها على سوريا.
وفي العام نفسه قامت معـ.ــ.ـركة ميسلون بين جيـ.ــ.ـش الثورة الكبرى وفرنسا، واستشـ.ــ.ـهد يوسف العظـ.ـمة وزير الحـ.ــ.ـربية السوري، وفازت فرنسا في المـ.ـعركة، وبدأت بمـ.ـلاحقة المعارضين لها، وأصدرت عام 1920حكما غيابيا بالإعـ.ــ.ـدـ.ــ.ـام على 34شخصا منهم القوتلي، لكنه استطاع هو ورفاقه الهــ.ـ.ـرب من سوريا، و تنقلوا بين مصر وفلسطين والدول الأوروبية للتـ.ــ.ـنـ.ــ.ـديد بمسـ.ـاوئ الاحـ.ــ.ـتلال.
وفور وصوله لألمانيا أسس شكري “المؤتمر السوري الفلسطيني” للدعوة إلى تحرير المنطقة العربية من الاحتلال الأجنبي، ونتيجة لذلك أصدرت فرنسا عفوا سياسيا عن القوتلي والسـ.ـجـ.ــ.ـناء السيـ.ــ.ـاسيين المحـ.ــ.ـكوم عليهم بالإعـ.ــ.ــ.ـدـ.ـام.
وعاد القوتلي إلى سوريا عام 1924، لكنه رفض التفاوض مع فرنسا قبل حصول سوريا على الجلاء، وفي عام 1926 أصدرت فرنسا للمرة الثانية حكما جديدا بالإعـ.ــ.ــ.ـدام على القوتلي، لتقديمه المساعدات والدعم المالي للثـ.ـورة السورية.
فما كان عليه إلا أن ترك سوريا وتنقل بين مصر والقدس والرياض للعودة من جديد للتنـ.ـديد بجـ.ــ.ــ.ـرـ.ــ.ـائم الاحتـ.ــ.ـلال، وترتب على هذا أن أصـ.ــ.ـدرت فرنسا قرارا بإلغاء حكم الإعـ.ــ.ــ.ـدام من عليه مرة أخرى، فعاد لسوريا عام 1930.
في عام 1930، وقع الملك فيصل الذي دعم القـ.ــ.ـوتلي في إنهاء الحـ.ــ.ـكم العثماني على سوريا، ودعا إلى إقامة دولة عربية متحدة على المعاهدة الإنجليزية العراقية التي أعطت لبريطانيا حق إدارة الشؤون الخارجية والعسكرية للعراق، مما أفقد القـ.ــ.ـوتلي أكثر حليف له، فلم يكن أمامه سوى خيار واحد وهو السير في طريقه لمحـ.ـاربة الاحتـ.ــ.ـلال، فشارك عام 1931 في المؤتمر”العربي القومي” بالقدس بهـ.ـدف محـ.ــ.ـاربة الاستعـ.ــ.ـمار.
وفي عام 1932 أسس القوتلي ومجموعة من رفاقه، منهم “هاشم الأتاسي”، وجميل مردم بك، و”فخري البارودي”، الكتلة الوطنية للدعوة إلى استقلال سوريا.
وشاركت الكتلة في تأسيس “جمعية تأسيسية” وافق عليها الشعب السوري للتواصل مع سلطة الانتداب الفرنسي لصياغة دستور للبلاد، كانت أبرز بنوده “إقامة حكومة تمثيلية ودستور ليبرالي”، لكن عطل الانتداب الفرنسي 5 من بنوده بحجة “تعارض البنود مع سلطات الانتـ.ــ.ـداب”، وانتهى الأمر بعقد الكتلة الوطنية في عام 1936 المعاهدة السورية، على غرار المعاهدة العراقية البريطانية.
وفي العام نفسه أصبح القوتلي عضوا في مجلس النواب السوري، وعندما شكّل جميل مردم الحكومة، عيّن القـ.ــ.ـوتلي وزيرا للدفاع الوطني والمالية، وخلال هذه الفترة أسّس وزارة الدفاع، ونظّم موازنة الدولة وحقّـ.ــ.ـق فائضا فيها.
وعقد اتفاقا مع السعودية لعمل خط سكة حديد يربط بين دمشق والحجاز، مما أدى إلى ضيق وغضـ.ـب فرنسا، التي انتـ.ــ.ـهزت فرصة سفر القوتلي للسعودية وعقدت مع الحكومة السورية ممثلة في جميل مردم بك اتفاقيتي “البنك السوري والبترول”، والتي أعطت لفرنسا الأحقية في وجود الخبراء الفرنسيين، ووجود تعاون وتبادل بين البلدين، واحترام حقوق الأقليات.
لكن هذه الاتفاقية أثـ.ـارت غضب الكثير من الوزراء والنواب، وكان أكثرهم غـ.ــ.ـضبا القـ.ــ.ـوتلي الذي قدم استقـ.ــ.ـالته من الوزارة 22 مارس/آذار 1938، لكنه ظل متمسكا بعضوية مجلس النواب، وسافر إلى أوروبا للمطالبة باستقلال سوريا.
وفي عام 1940 حدث أمر أوقف عمل الكتلة الوطنية، وهو اتهـ.ــ.ــ.ـام أعضاء الكتلة بقــ.ـ.ــ.ـتل عبد الرحمن الشهبندر، فلجأ القوتلي إلى قنصل السعودية بدمشق لحمايتهم نظرا لعلاقته الوثيقة بالفرنسيين، وحقق مع القوتلي وثبتت براءته هو وأعضاء الكتلة بعد ظهور قاتل الشهبندر واعترافه بالجـ.ــ.ــ.ـريـ.ــ.ـمة.
في عام 1941 انتُخب القوتلي زعيما للكتلة الوطنية خلفا لزعيمها الراحل إبراهيم هنانو نظرا لشعبيته الكبيرة، مما جعل الفرنسيين يبتعدون على القيام بأي إجراء تعـ.ــ.ـسفي ضـ.ـده، خاصة في ظل الإضــ.ـ.ـرابات التي قام بها الشعب السوري، حتى حصلت سوريا على استـ.ــ.ـقلالها عام 1941.
وبعد وفـ.ـ.ــ.ــاة رئيس سوريا تاج الدين الحسني عام 1943، رشح القوتلي نفسه للانتخابات الرئاسية، وفي 17 أغسطس/آب لعام 1943 أُعلن فوز القوتلي، ليكون أول رئيس لسوريا المستقلة.
لكن فرنسا لم تترك سوريا بهذه السهولة، ففي عام 1945قصــ.ــ.ـ.ـفت فرنسا البرلمان السوري، وطلب المفوض البريطاني من القوتلي عقد معاهدة مع فرنسا لكنهُ رفض، وعلى إثر ذلك لجأ الاحـ.ــ.ـتلال الفرنسي إلى حــ.ـ.ـرب الشـ.ـائعات، وكانت أولى هذه الشـ.ـائعات هي إعــ.ــ.ـ.ـدام القوتلي، وهـ.ـ.ــ.ــروب أعضاء الحكومة خارج البلاد.
مما زاد من إصرار القـ.ــ.ـوتلي في الوقوف ضـ.ـد الاحتلال، إذ قام بتـ.ـهــ.ــ.ـ.ـديد أعضاء الحكومة بتعرضهم للمحاكمة في حالة تقديم أحد منهم استقالته، مما أجبـ.ـر فـ.ــ.ـرنسا على جلاء قواتها عن سوريا 17 أبريل/نيسان 1946 حصلت سوريا على استـ.ــ.ـقلالها الكامل.
بدأت الحياة السياسية في سوريا مستقرة، وتأسس الكثير من الأحزاب السياسية، لعل أبرزها حركة الإخوان المسلمين السورية، والتي تعاونت مع القـ.ــ.ـوى الوطنية والقوتلي ضـ.ــ.ـد مشروع سوريا الكبرى الذي عرضته الأردن على سوريا.
لكن هذا الاستقرار لم يستمر كثيرا خاصة بعد وقوع نكبة فلسطين، ثم تعديل القوتلي الدستور لتمديد فترة رئاسته لولاية ثانية، بالإضافة إلى انقـ.ــ.ـسام الكتلة الوطنية إلى فريقين، فريق عُرف باسم “الحزب الوطني” ضم فيه المؤسسين القدامى للكتلة، وكان على رأسهم القوتلي، وفريق آخر عُرف باسم حزب “الشعب”، فأدى ذلك إلى حدوث انقسامات واسعة داخل المجتمع السوري، ولم تكن هذه الأمور فقط سببا للانقسامات.
فقد ذكر المفكر والأديب السوري كرد علي عن فترة حكم القوتلي قائلا:
“ملأ الوزارات بجـ.ــ.ــ.ـنون بعديمي الكفاءة غير المؤهلين، فقط من أجل ولائهم السياسي، وأمر وزارة الأشغال العامة ببناء الطرق على ممتلكات عائلته على نفقة دافـ.ــ.ـعي الضـ.ــ.ـرائب، وأن تمطر الأموال العامة على الشعراء والمؤلفين الذين أشادوا باسمه، وأفـ.ــ.ـسدوا المحـ.ــ.ـاكم عن طريق تعيين قـ.ــ.ـضاة كانوا متحيزين تجاهه”.
وأشار بأن “إساءة القوتلي لمنصبه لم تكن من أجل الثراء الشخصي، فقد ورث ثروة كبيرة من عائلته، وهو ما أضافها في مشاريع في الزراعة والتجارة والصناعة، حتى لُقّب “بملك المشمش”.
فقد كان لهُ هـ.ـدف آخر، وهو استخدام الأجندة السياسية وسهولة الوصول إلى موارد الدولة من أجل دعم التأييد لنفسه وزمرته السـ.ــ.ـياسية. بجانب استغلاله لكثرة الخلافات بين البرلمانيين السوريين بمهارة لصالحه”، أما خالد العظم، رئيس الوزراء في حكومة القـ.ــ.ـوتلي، فذكر بأنه “كان يزرع بذور التنافس والبـ.ـغض المتبادل بين الشخصيات السـ.ــ.ـياسية حتى لا يتحـ.ــ.ـدوا ضــ.ــ.ـ.ـده. وهذا يعني أنه سيبقى وحده هو المسيـ.ــ.ـطر على الموقف”.
بالإضافة إلى مساندة بعض الأحزاب، مثل حـ.ــ.ـزب البعث، و”الاشتراكيون العرب”، و”الحزب السوري القومي”، رغبة في الوصول للسلطة عن طريق المؤسسة العسـ.ــ.ـكرية، كل هذا أفسح الطريق أمام حسني الزعيم، وهو ضـ.ــ.ـابط سوري عُرف عنه حبه للحياة العسكرية الصـ.ـارمة، وتقليده للشخصيات العسـ.ــ.ـكرية، التي لعبت دورا محوريا في الحياة السياسية لشعوبها.
وقد تدرج في المناصب العسـ.ــ.ـكرية حتى حصل على رتبة عقيد، لكنه عُزل من منصبه واعتُــ.ــ.ـ.ـقل عام 1941 من قِبل “القـ.ــ.ـوـ.ـات الديغولية الفرنسية”، وفي عام 1944 أفرج القوتلي عنه، وسمح بعودته لعمله، وهناك تولى العديد من المناصب، حتى تولى منصب قائد الجيش ورئيس الأركان، وقام بأول انقــ.ــ.ـ.ـلاب عسكري غير د.موي في سوريا في 30 مارس/آذار 1949.
ثم قام باعتـ.ــ.ــ.ــ.ـقـ.ــ.ـال القوتلي، لكنه أطـ.ــ.ـلق سـ.ــ.ـراحه بعد تقديم استقالته، فسافر القوتلي إلى مصر واستقر في الإسكندرية، وما هي إلا أشهر قليلة حتى قام سامي الحناوي في 14 أغسطس/آب 1949 بالانقــ.ــ.ـ.ـلاب على حسني الزعيم، وإعـ.ــ.ـدـ.ــ.ـامه بعد محاكمة عـ.ــ.ـسكرية، وبعد مرور أربعة أشهر قام أديب الشيشكلي في 19 ديسمبر/كانون الأول 1949 بالانقـ.ــ.ـلاب على سامي الحناوي، ووضعه في السـ.ــ.ـجـ.ـن، ثم أفرج عنه بعد ذلك، لتكون نهايته هو الاغـ.ــ.ــ.ـتيال عام 1950 في أحد شوارع بيروت.
وقد ظل الشيشكلي في الحكم حتى الانقــ.ــ.ـ.ـلاب عليه عام 1954، وعلى إثر ذلك قدم استقالته، وهـ.ــ.ـرب إلى بيروت ثم إلى السعودية حتى استقر في البرازيل، وفي عام 1960 اغـ.ــ.ــ.ـتيـ.ــ.ـل على يد شاب درزي.
ليتولى “هاشم الأتاسي” الحكم بعد الشيشكلي (13)، وفي عام 1955 سافـ.ـرت عدة وفود إلى مصر ممثلة في الهيئات الوطنية والسياسية في سوريا من أجل عودة القوتلي إلى الرئاسة، وفي 6 سبتمبر/أيلول 1955 اجتمع مجلس النواب وانتخب القوتلي رئيسا لسوريا للمرة الثالثة.
“نقف ونعلن على الملأ باسم الشعب العربي في كل من الجزأين العربيين الغاليين مولد الجمهورية العربية المتحدة”
هذا ما قاله القوتلي عندما أعلن عن قيام الوحدة بين مصر وسوريا، التي بدأت مبكرا بينهم قبل الإعلان عنها رسميا.
ففي أثناء العدوان الثلاثي على مصر قام ضباط سوريون بتـ.ــ.ـفـ.ــ.ـجير خط أنابيب “التابلاين”، الذي تستورد أوروبا عن طريقه البترول من العراق، بالإضافة إلى استضافة إذاعة دمشق الإذاعة المصرية بعد ضـ.ـ.ــ.ــرب العـ.ــ.ـدوـ.ــ.ـان لها، هذا على الجانب السوري، أما على الجانب المصري فقد أرسل عبد الناصر عام 1957 وحدات عسكرية للمشاركة مع القـ.ــ.ـوات السورية لصـ.ــ.ـد الهـ.ـجـ.ــ.ـمات التركية على سوريا.
بجانب كل هذا فقد كانت فترة الخمسينيات بداية الدعوة إلى القومية العربية بين الدول في العالم العربي، وكل هذا قد سهّل قيام الوحدة.
ففي 22 فبراير/شباط 1958 وقعت الوحدة بين مصر وسوريا، وتنازل الرئيس السوري شكري القوتلي عن الرئاسة إلى الرئيس المصري جمال عبد الناصر، ولُقّب بـ “المواطن العربي الأول”، ليكون أول رئيس عربي يتنازل عن الحكم لرئيس آخر.
وقيل إن القوتلي عندما تنازل عن الحكم قال لعبد الناصر: “مبروك عليك السوريون، يعتقد كل واحد منهم نفسه سياسيا، وواحد من اثنين يعتبر نفسه قائدا وطنيا، وواحد من أربعة يعتقد بأنه نبي، وواحد من عشرة يعتقد بأنه الله”.
هناك من رأى بأن هذه المقولة هي مدح في الشعب السوري، وفيها “إشارة إلى حيوية ومقدرة الشعب السوري، من جهة، وإلى نزوع الفردانية والتميّز لدى كل فرد من أفراده”، على الجانب الآخر هناك من أنكر قول القوتلي لتلك المقولة، وعدم وجود سند تاريخي لها.
وقد وقع الاختيار على القاهرة عاصمة للجمهورية العربية المتحدة، وتغير العلم السوري إلى علم بنجمتين بدلا من ثلاثة نجوم، ولا يزال علم الجمهورية العربية المتحدة علما لسوريا حتى الآن.
وقد تم توحيد البرلمان السوري مع المصري وأصبح مقره القاهرة، بجانب إلغاء كل الوزارات حتى أصبحت وزارة واحدة في القاهرة، كما طالب عبد الناصر بحل كل الأحزاب السورية، وانسحاب ضـ.ـباط الجـ.ــ.ـيش السوري من الحياة السـ.ــ.ـياسية، وقد قَبِل السوريون بهذه الشروط ومنهم حزب البعث.
وقد رأى بعض المؤرخين أن عبد الناصر لم يكن يرغب في الوحدة بين مصر وسوريا، وإنما وافق بعد مطالبة حزب البعث بذلك بجانب قيام الحزب بحملة من أجل اتحاد مصر مع سوريا.
وعندما تولى عبد الناصر الحكم سيطر على كل أجهزة الدولة في سوريا، وأبعد حزب البعث عن الحكم، وقام بمصادرة أموال السوريين، والتـ.ــ.ـأميم على ممتلـ.ــ.ـكاتهم، وقد أثر كل هذا بالسـ.ــ.ــ.ـلب على الاقتصاد السوري.
مما أدى إلى الاحـ.ــ.ـتجاجات والدعوات إلى الانفصال، وقد حاول عبد الناصر ردع هذه الاحتـ.ـجاجات لكنه لم يستطع، وقد استغل ذلك بعض من الضـ.ـباط البعثيين، وقاموا بالانقلاب على الوحدة في 8 مارس/آذار
لم يكن القوتلي من المؤيدين لهذا الانقـ.ــ.ـلاب، لكنه أيّد انفصال سوريا عن مصر بسبب انفراد عبد الناصر بالسـ.ــ.ـلطة، وسـ.ــ.ـيطرته على مقاليد الحكم.
وقد صودرت أموال القوتلي بعد هذا الانقــ.ـ.ـلاب، وعلى إثر ذلك رحل إلى بيروت، وظل فيها حتى وفـ.ـاته في 30 يونيو/حزيران 1967، ودفت.ـن في دمشق مسقط رأسه في مـ.ــ.ـقـ.ـ.ــبرة “الباب الكبير”.
ومنعت السـ.ــ.ـلطات المحافظات السورية من تشيـ.ـيع جـ.ــ.ـنـ.ـازته، ولكن قام سكان دمشق فقط بالزحف إلى الحدود، حتى سمحت السـ.ــ.ـلطات بالدخول لهم، وحملوا نـ.ــ.ـعـ.ـشه وذهبوا للصلاة عليه في المسجد الأموي، وبذلك تنتهي قصة أول رئيس عربي يتنازل عن الحكم لرئيس مثله بمحض إرادته.
المصدر: الجزيرة