سيدة عربية تنجح بمشروعها الخاص في حديقة منزلها وتكسب آلاف الدولارات من مهنة بسيطة وغير مكلفة
سيدة عربية تنجح بمشروعها الخاص في حديقة منزلها وتكسب آلاف الدولارات من مهنة بسيطة وغير مكلفة
ساهمت السيدات السوريات منذ القدم في نهضة البلدان التي تعيش فيها، ولم يقتصر إسهامها في المجال العلمي فقط.
وإنما تخطاه لإتقان مهن فريدة وأحيانا صعبة وزاولتها بكل إتقان وحرفية وجنت الارباح وقدمت كل ما تستطيع في سبيل نجاحها.
بعناية فائقة تتفحّص رانيا، لوحات الشمع لخلايا نحلها، بينما ترتدي لباس الحماية الأبيض الواقي من لسعات النحل.
وفي مزرعة والدها التي استثمرتها لافتتاح مشروعها الخاص في قرية زاكية بريف دمشق، تعمل رانيا شامية، (25 عاماً)،
في تربية النحل في خطوة لم يسبقها إليها غيرها من الإناث في دمشق.
تقول مبتسمة بعد أن مضى عام ونصف على مشروعها، “فرضت نفسي في وسط مربي النحل والكثير منهم اليوم يستشيروني في أمور تتعلق بالنحل”.
وتُضيف، “كسرت حاجز الخوف من الفشل أو الخسارة؛ واشتريت خلايا نحل وصار عندي منحلة خاصة”.
لطالما أرادت “شامية”، من سكان منطقة المزة بدمشق، أن تجازف وتربط مشروعها الأكاديمي بالمهني، فكانت مزرعة النحل الخاصة بها،
وعسل بماركة مُسجّلة في الأسواق السورية، وذلك بعد أربعة أعوام متواصلة قضتها في التدريب في مجال تربية النحل.
كيف بدأت شامية العمل
وكانت “شامية”؛ تلاحظ الاستغراب من السكان وحتى المزارعين في الحقول المجاورة، “نظرات تسأل أي فتاة هذه من ترتدي قناع النحل الواقي وتدخل بين الخلايا”.
وإلى جانب امتلاكها سبع خلايا نحل خاصة، تشترك المتخرِّجة من كلية الهندسة الزراعية، بجامعة دمشق،
بخلايا أخرى مع نحّال آخر، ويبلغ الإنتاج لديها نحو 200 كيلوغرام؛ من العسل وهو مردود تعتبره صاحبته “جيد”.
توزِّع “شامية”، الخلايا حسب تصنيف كل نوع من أنواع العسل الذي تنتجه، وتقول بينما يتهادى النحل على الخلايا المتقنة التنظيم،
“لو أستطيع عدّ كل نحلة في الخلية لعددتها وسميتها”، لكنها تكتفي بتسمية الخلية باسم تحبه.
لا يخلو مشروعها من صعوبات وتحديات وخاصة في مجال التسويق الذي يقتصر حتى الآن على المشاركة بالمعارض فقط؛
وخاصة أن وقت المعارض غير ثابت وليست على مدار العام، فتحاول الاستعانة بوسائل التواصل الاجتماعي للترويج عن الإنتاج.
كما أن ارتفاع تكاليف نقل الخلايا والأدوية العلاجية لأمراض النحل، والظروف الاقتصادية الصعبة للسكان؛
التي تؤثِّر على القدرة الشرائية للمستهلك ويقلّ مبيعها من العسل، جانب آخر من التحديات التي تعترض طريقة تطوير مشروعها.
وعن ذلك تقول، “شغلي وخبرتي جيدة لكن لم أحصل حتى الآن على فرصة عمل قوية كتدريب طلاب على تربية النحل”.
ومنذ بداية مشروعها، تُجنّد “شامية”، جزءاً منه لتعليم وتدريب شبان وشابات من الذين يعانون من متلازمة داون وهم “شريحة يجب أن تأخذ حقها في المجتمع”.
فهي علّمت قسماً منهم/منهن؛ البيع في المعارض، وقسماً أدخلته إلى المناحل،
إذ درّبت حتى الآن 20 شخصاً من هذه الفئة، وهذه المبادرة مستمرة حتى الآن وأسمتها “متلازمة الحب”.
هدف شامية من المشروع
وتهدُف الشابة من هذه الخطوة أن يتمكّن أصحاب متلازمة داون من الاندماج بالمجتمع وإيجاد فرص عمل في المستقبل.
ومع كل يوم تدخل فيه البستان بهدوء، تعود بها الذاكرة للخطف خلفاً وتتذكّر البداية؛ تقول: “أخذت القرار لأعمل لوحدي ضمن اختصاصي،
بعد أن تدرّبت عند مربيّ نحل، الذين بدورهم استهجنوا الفكرة كثيراً وراهنوا أني لن أتجرأ على القدوم بهذه الخطوة”.
وتحاول الشابة، القيام بتجربة جديدة في مجال تربية النحل، وتسعى أن تربطها بدراستها الأكاديمية، وتأخذ بها الماجستير في الهندسة الزراعية؛ من جامعة دمشق.
وتتلخّص تجربتها بجمع سمّ النحل عن طريق جهاز يعمل على بطارية ١٢ فولط، ويتم وصله بإطار زجاجي يشبه إطار النحل،
ويتم وضعه داخل الخلية وتشغيل البطارية لمدة نصف ساعة.
حيث يولّد نبضات كهربائية للنحل، الذي يشعر بشيء يشبه الهجوم عليه، لذلك يولّد النحل القليل من سمّه، ولأن النبضة الكهربائية تكون أقل من ثانية لا يموت النحل بعد إطلاق السمّ.
وتُضيف، “بعدها نُخرج الإطار ونجمع السمّ، وهو عائد اقتصادي إضافي للنحّال ومربح ومعالج لأمراض”.
ويُستخدم هذا السمّ وبحسب أطباء؛ لمعالجة الالتهابات، كما أنه يقاوم نشاط الفيروسات،
ويمكن الاستفادة منه عن طريق التعرُّض للسّع المباشر أو من خلال الحقن اليدوي.
وأنتجت “شامية”، منتجات تجميلية وعلاجية للبشرة والشعر بالعسل، وحالياً تعمل على تحضير نفسها لعلاج المرضى بوخز سم النحل.
وتسعى الشابة لافتتاح محل خاص في دمشق، لبيع العسل ومنتجاتها؛ على أن يكون كادره من أصحاب متلازمة داون الذين تدربهم، إضافة إلى رغبتها لتصدير إنتاجها للخارج وزيادة المبيعات في الداخل.
تبتسم المهندسة العشرينية، وتقول: “أنا أتعلم من نحلاتي، أتعلم حب العمل، لذلك لم أتوقّف عند حدٍّ معين بل أصبحت مدرّبة للتعامل مع النحل”.
نورث برس