سيخرجون من سجـ.ـنهم بشرّ عظـ.ـيم لكن الله يهلـ.ـكهم … من هم يأجوج ومأجوج؟
سيخرجون من سجـ.ـنهم بشرّ عظـ.ـيم لكن الله يهلـ.ـكهم … من هم يأجوج ومأجوج؟
هم قـ.ـوم ورد ذكرهم في المصادر الدينية اليهودية والمسيحية والإسلامية. يكتنفهم الغموض وتتباين الروايات عنهم وبعضها أقرب إلى الأساطير. لكن ثمة إجماع على أنهم كثيرو العدد جداً (مثل رمل البحر)، وهم أهل شـ.ـرّ وفسـ.ـاد وقـ.ـوة وعـ.ـدوان،
لا يصدّهم شيء عن ظـ.ـلم مَن حولهم لبطـ.ـشهم وجـ.ـبروتهم. كانوا موجـ.ـودين واختفوا بعد أن بُنِيَ بينهم وبين جيرانهم سدّ يمنعهم من الخروج إليهم، وقيل لا بل هم تحت ذلك الردم أو السدّ، وأنهم سوف يظهرون ثانيةً في آخر الزمان ويعيـ.ـثون في الأرض فسـ.ـاداً، إلا أنهم يُقـ.ـتَلون جميعاً في مَقتـ.ـلة عظيمة، ويكون ذلك من أشراط الساعة، أي من علامات نهاية العالم.
فمَن هم يأجوج ومأجوج؟ ومن أي مكان هم؟ وما هي أوصافهم؟ وكيف سيكون ظهورهم؟
الروايات متعـ.ـدّدة. لكن هنا بعض الإضاءة عليهم مُستقاة من المصادر الديـ.ـنية والروايات المُتعـ.ـارِضة. نشير أولاً إلى أن ماجوج هو إسم ثاني أولاد يافث بن نوح. ولعلّ القـ.ـوم كانوا من نسله، ويُقصَـ.ـد بهم في التـ.ـوراة قبـ.ـائل الكيثيين المتوحّـ.ـشة الذين كانوا يأتون من الشمال بقـ.ـوّتهم العظيمة فرساناً ومُشـ.ـاةً متسـ.ـلّحين بالقـ.ـسيّ.
ويرد الإسمُ على ثلاثة أوجه في المصادر المذكورة. ففي العهد القديم، أو التوراة، يُسـ.ـمَّون جوج وماجُوج. أما في العهد الجديد (رؤيا يوحنا) يأجوج وماجوج، في حين أنهم في القـ.ـرآن الكـ.ـريم يأجوج ومأجوج بالهمزة.
ويذهب قاموس الكتاب المقـ.ـدّس إلى أن إسم جـ.ـوج ربما أُخِذَ من جـ.ـيجيس، رئيس ماشك وتوبَل (في نواحي أذربيجان). وفي مكان آخر يذكر أن جوج شخصية شبيهة بجوج المذكور في نبوءة حزقيـ.ـال ستظـ.ـهر في نهاية العـ.ـصر الحاضر.
وقيل إن “ما” في ماجوج تعني “في” أو “من بلاد” باللغة العِبرية، فيكون الإسم “جوج” في بلاد ماجوج. وقيل إن الإسم جوج وماجوج عبارة صينية، بمعنى قارّة شـ.ـعب الخيل وهم المغول والدول المجاورة للصين.
وقيل أيضاً إنه إسم علَم أعجمي ممنوع من الصرف العلمية والعُجمة، كما ذهب بعضهم إلى أن جوج مشتـ.ـقّ من الأُجاج وهو الماء الشـ.ـديد الملوحة، أو من الأجّ أي سرعة العـ.ـدو، أو من الأجّـ.ـة وهي الاخـ.ـتلاط والاضـ.ـطراب، غير أن هذا لا يُعـ.ـوّل عليه لأن القوم لم يكونوا عرباً حتى يؤخذ إسمهم من اللغة العربية.
أما في أوصافهم فقد ورد في المصادر الإسلامية أن يأجـ.ـوج ومأجـ.ـوج قوم عِراض الوجوه صغار العيون، صُهب الشغاف، أي أن لون شعرهم أسود فيه حُمرة، كأنّ وجوههم المِجان المُطرقة، أي كأنها التروس لبسطها وتدويرها وغِلـ.ـظها وعددهم كبير جداً.
ومن كل حدبٍ ينسلّون، أي من كل مكان مرتفع يخـ.ـرجون سراعاً. لكن المكان الذي وُجِدَ فيه يأجوج ومأجوج يكتـ.ـنفه الغموض ولا دليل على المكان الذي قيـ.ـل إنهم محتـ.ـجزون فيه، إلا أن بعض المـ.ـصادر الإسلامية يرجّح أن يكون في ما وراء الصين.
ويذكر بعضهم أنه في جبال القوقاز قرب أذربيجان وأرمينيا. كما تذهـ.ـب بعض المصادر غير الإسـ.ـلامية إلى أن السـ.ـدّين (اللذين سنأتي على ذكرهما) هما بحـ.ـر قـ.ـزوين والبحر الأسود، ومنـ.ـطقة ما بين السـ.ـدّين هي الحدود الفاصلة بين ما يُعرف حالياً باسم أوسيتـ.ـيا الجنوبية (تابعة لجـ.ـورجيا) وأوسيتيا الشـ.ـمالية (تابعة لروسيا)، حيث يفـ.ـصل بينهما مضـ.ـيق جبلي يُعرف حالياً بإسم مضيق داريال، وماجوج وياجوج كانوا جنوبه.
في التوراة: مأكل للكواسر والوحـ.ـوش
تفيد نبوءة حزقيال أن الربّ يرسل جوج من أرض ما جوج الذي كان رئيساً على ماشك وتوبَل وقـ.ـومه ومن معه فيغزوا أرض إسرائيل في آخر الأيام فيقـ.ـتِلون وينهـ.ـبون ويدمّـ.ـرون ويأخـ.ـذون الذهب والفـ.ـضة والماشية والأموال. وتضيـ.ـف النبوءة على لسان الرب: “فتـ.ـأتي من مكـ.ـانك من أقاصـ.ـي الشمال ومعك شـ.ـعوب كثيرة، كلّها من راكبي خيل، جمعٌ عظيمٌ وجـ.ـيش كثير، وتـ.ـصعد على شـ.ـعبي إسرائيل كـ.ـغمام يغطي الأرض، إنك في آخر الأيام تكون، فـ.ـاَتي بك على أرضي، لكي تعـ.ـرفني الأمم، حين أتقـ.ـدّس بك أمام عـ.ـيونها، يا جـ.ـوج”.
وبعد أن يفعل كل ذلك يُقـ.ـتل جوج وكل جـ.ـنوده وتنتشر جـ.ـثثهم في الأرض وتصبح مأكلاً للكواسر والوحـ.ـوش. وُيعرف الوادي الذي قُبرت فيه قـ.ـتلى جوج بإسم جـ.ـمهور جوج، ويظـ.ـنّ أنه كان بقرب بحر
الجليل، والأرجح أنه على الطريق العُظـ.ـمى بين سوريا ومصر، على ما جـ.اء في معجم الكتاب المقدّس.
في العهد الجديد: عددهم عدد رمل البحر
وجاء في رؤيا يوحنّا (الإصحاح19) “فإذا انقضت ألف السنة، يُطلَقُ الشيطانُ من سجـ.ـنه فيسعى في إضـ.ـلال الأمم التي من زوايا الأرض الأربع، ياجـ.ـوج وماجـ.ـوج، يجمعهم للحـ.ـرب، وعددُهم عددُ رمـ.ـلِ البحرِ، فصـ.ـعدوا رحـ.ـبَةَ البلد، وأحـ.ـاطوا بمعسـ.ـكر القـ.ـدّيسين وبالمدينة المحـ.ـبوبة، فنزلت نـ.ـارٌ من السماء فالتهـ.ـمتهم، واِبليس الذي يُضـ.ـلّهم أُكفِيَ في مستنقع النـ.ـار والكبريت، حيث الوحـ.ـش والنـ.ـبيُّ الكـ.ـذّاب، وسيُعـ.ـانون العـ.ـذابَ نهاراً وليلاً أبدَ الدهـ.ـر”.
في القـ.ـرآن الكريم: ذو القرنين يفصل بينهم وبين جـ.ـيرانهم بسدّ عظـ.ـيم
يرد في سورة الكهف (الآيات من 93 إلى 99) أن الملك الصالح ذا القـ.ـرنين يصل في مسيره مكان يحدث فيه ما يأتي:
“حَتّى إِذا بَلَغَ بَينَ السَّدَّينِ وَجَدَ مِن دونِهِما قَومًا لا يَكادونَ يَفقَهونَ قَولًا ﴿٩٣﴾ قالوا يا ذَا القَرنَينِ إِنَّ يَأجوجَ وَمَأجوجَ مُفسِـ.ـدونَ فِي الأَرضِ فَهَل نَجعَلُ لَكَ خَـ.ـرجًا عَلى أَن تَجـ.ـعَلَ بَينَنا وَبَينَهُم سَـ.ـدًّا ﴿٩٤﴾
قالَ ما مَـ.ـكَّنّي فيهِ رَ.بّـي خَيرٌ فَأَعينوني بِقُـ.ـوَّةٍ أَجعَل بَينَكُم وَبَيـ.ـنَهُم رَد.مًا ﴿٩٥﴾ آتوني زُبَـ.ـرَ الحَديدِ حَتّى إِذا ساوى بَينَ الصَّدَفَينِ قالَ انفُـ.ـخوا حَتّى إِذا جَعَلَهُ نـ.ـارًا قالَ آتوني أُفرِغ عَلَيهِ قِـ.ـطرًا ﴿٩٦﴾ فَمَا اسـ.ـطاعوا أَن يَظهَروهُ وَمَا اسـ.ـتَطاعوا لَهُ نَقـ.ـبًا ﴿٩٧﴾
قالَ هـذا رَحـ.ـمَةٌ مِن رَبّي فَإِذا جاءَ وَعدُ رَبّي جَعَلَهُ دَكّـ.ـاءَ وَكانَ وَعـ.ـدُ رَبّي حَت.ـقًّا ﴿٩٨﴾ وَتَرَكنا بَعضَهُم يَومَئِذٍ يَمـ.ـوجُ في بَعضٍ وَنُفِـ.ـخَ فِي الصّورِ فَجَـ.ـمَعناهُم جَمعا”.
هذه الآيات تدل على أن قـ.ـوم يأجـ.ـوج ومأجوج كـ.ـانوا في قـ.ـديم الزمان أهل فسـ.ـاد وشر وقـ.ـوّة لا شي يردّهـ.ـهم عن العـ.ـدوان على جيرانهم.
وحين قدم الملك الصالح ذو القـ.ـرنين وسألوه أن يبني بينهم وبين هؤلاء الأشرار سدّاً يحميهم منهم. فطـ.ـلب منهم Hن يمدّوه بالعمال وبق.ـطع الحديد وأقام رد.ماً عظيماً وصـ.ـب عليه النحـ.ـاس المُـ.ـذاب فلم يستطـ.ـع يأجـ.ـوج ومأجوج النفاذَ منه. وسيبقون هكذا إلى وقت قيام الساعة.
في آخر الزمان يخـ.ـرجون من محبـ.ـسـ.ـهم ويكون منذ ذلك مع خـ.ـروج المـ.ـسيح الدجّـ.ـال، كما تذكر المصادر الإسلامية.
ثم يأتي نبـ.ـيّ الله عيسى فيقـ.ـضي على الدجّال ويرسل الله تعالى على يأجـ.ـوج ومأجوج مـ.ـرضـ.ـاً يـفـ.ـتك بهم وتنـ.ـتن الأرض من جيـ.ـفهم فيـ.ـرسل عليهم طـ.ـيوراً ضـ.ـخمة تنـ.ـقلهم وتلقـ.ـيهم حـ.ـيث شاء الله.