بيتر أوبورن: الغرب وجد عـ.ـدوًا جديدًا بدلًا عن الإسلام!
متابعة
بيتر أوبورن: الغرب وجد عـ.ـدوًا جديدًا بدلًا عن الإسلام!
قبل أشهر كتب الصحفي بيتر أوبورن مقالًا في موقع «ميدل إيست آي» حول التنُّـ.ـمر الغربي الجديد بالصين على خلفية تفـ.ـشي فيروس كورونا،
ويرى الكاتب أن الغرب في سعيه لإيجاد عـ.ـدو بديل للإسلام، تلك العـ.ـداوة التي استمرت عشرين عامًا، وقع اختياره على الصين لتكون هذا العـ.ـدو الجديد.
يستهل المقال بالإشارة إلى مرور أكثر من ربع قرن تقريبًا، منذ أن كتب العالم السياسي الأمريكي صامويل هنتنجتون مقالته الشهيرة عن صدام الحضارات، التي هيأت الأجواء لسلسلة من الحـ.ـروب.
كتب هنتنجـ.ـتون مقالته بعد سقـ.ـوط جدار برلين ونهاية الحـ.ـرب الباردة بين روسيا السوفيتية والغرب.
وبدلًا من أن يسـ.ـود عهد السلام، توقع هنتنجتون صـ.ـراعًا جديدًا بين ما اعتبره عدوين لا يمكن التوفيق بينهما: الإسلام والغرب.
أكد هنتنجتون أن الهوية، وليس الأيديولوجية، تكمن في قلب السياسة المعاصرة.
وسأل: «من أنت؟ وكما نعلم، من البوسنة إلى القوقاز إلى السودان، فإن الإجابة الخاطـ.ـئة عن هذا السؤال يمكن أن تعني رصـ.ـاصة في الرأس». وأضاف: «الإسـ.ـلام له حدود د.موية».
«صـ.ـراع الحضارات».. قادة الغرب وإعلامه على خُطا هنتجنتون
سار السياسيون الغربيون مثل الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير على خطا هنتنجتون.
وخلال ربع القرن الماضي، كانت العديد من الدول الإسلامية في بؤرة اسـ.ـتهداف الولايات المتحدة وحلفائها.
في هذه الأثناء، جرى تصـ.ـوير المسلمين في وسائل الإعلام الغربية في كثير من الأحيان على أنهم أيديولوجيون خارجون عن القـ.ـانون ومتطـ.ـرفون ويمـ.ـثلون تهـ.ـديدًا وجوديًا للعالم.
وأدى ذلك إلى ظهور رهـ.ـاب الإسـ.ـلام (الإسلاموفوبيا) الخبيـ.ـث في الغرب مع صعود الأحـ.ـزاب السـ.ـياسية اليمينية الـ.ـمتطـ.ـرفة في أوروبا.ـ
هل يخفت العـ.ـداء ضـ.ـد الإسلام بعدما تضع الجائـ.ـحة أوزارها؟
يقول بيتر أوبورن، كبير كتاب الأعمدة السياسية سابقًا في صحيفة «ديلي تيليجراف»: سأدفـ.ـع اليوم بأن الكثير من هذا العـ.ـداء المؤذي قد يخفـ.ـت قريبًا في أعقاب مأساة فيروس كورونا.
ويعود ذلك جزئيًا إلى أن التضحـ.ـيات التي قدمها المسلمـ.ـون (وخاصة في بريطانيا) واضحة للغاية وكانت كبيرة جدًا، لدرجة أن هذا قد يؤدي إلى تغيير متأخر في الاتجاهات العامة.
إذ كان أول أربعة أطباء يمـ.ـوتون بسبب تفشـ.ـي المـ.ـرض كلهم من المسـ.ـلمين.
ولكن هناك عامل ثان له تأثيره: إن جائـ.ـحـة فيروس كورنا تعيد تشكيل الجغرافيا السياسية العالمية. والغرب يريد، وربما يحـ.ـتاج إلى، عـ.ـدو، وآخر هـ.ـدفًا له هي: الصين.
الصين في بؤ.رة الاستـ.ـهداف.. تغيّر العـ.ـدو والأبـ.ـواق واحدة
تُقَدَّم الصين على أنها العـ.ـدو الوجودي الجديد، تمامًا كما كان الإسـ.ـلام قبل 20 عامًا. ونفس الأشخاص الذين ألبسوا الإسلام ثوب العـ.ـدو بالأمس، هم أنفسهم الذين يخـ.ـلعون على الصين اليوم الخُلـ.ـعَة ذاتها.
كتاب أعمدة الصحف أنفسهم، ومراكز الأبحاث نفسـ.ـها، والأحزاب السـ.ـياسية نفسها، ووكالات المـ.ـخابرات نفسها.
بعد مقال هنتنجتون الشهير الذي قاد الهـ.ـجـ.ـوم ضـ.ـد المسـ.ـلمين -أو ما يسمونه غالبًا بالإسـ.ـلام الراديكالي- ها هم يوجهون انتباههم الآن إلى الشرق الأقصى.
بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، قائـ.ـد الهجـ.ـوم على المسـ.ـلمين، الآن في مهاجـ.ـمة الصين، مثلما هاجـ.ـم سلفه الجمهوري بوش العراق في عام 2003 و«محـ.ـور الشـ.ـر» قبل 20 عامًا.
وخلال حملته عام 2016، اتهـ.ـم الصين «باغتـ.ـصاب» الاقتصاد الأمريكي، غير أن هجـ.ـمات ترامب، منذ تفـ.ـشي كوفيد-19، اكتسبت سرعة وزخـ.ـمًا. إذ اتهـ.ـم الصين بالتسـ.ـتر على الفيروس والكـ.ـذب بشأن حصيلة الوفـ.ـيات.
وفي وقت سابق، أوقف حتى التمويل الأمريكي لمنظمة الصحة العالمية، واصفًا إياها أيضًا بأنها «متمركزة حول الصين». وقامت الصحف البريطانية، التي استهلكت أوراقها غابات بأكملها للتنفيس عن سخطها ضـ.ـد المسلمين، بتحويل دفـ.ـة تركيزها إلى التهـ.ـديد الصيني.
نشرت صحيفة «ذا صن»، التي كانت تقـ.ـرع الطـ.ـبول لغـ.ـزو العراق في عام 2003، تقريرًا يدعي أن الفيروس طـ.ـورته الصين عمدًا «لكي تثبت أنها أعظم من الولايات المتحدة في مكـ.ـافحة الأمراض الفـ.ـتاكة». وساعدت وكالة الاستـ.ـخبارات الخارجية البريطانية MI6، لإقامة الحـ.ـجة الداعـ.ـمة لهجـ.ـوم بلير المفجـ.ـع على العراق، في الملف سيـ.ـئ السـ.ـمعة بشأن أسـ.ـلحة الدمـ.ـار الشـ.ـامل في العراق.ـ.
الآن توجد الصين في مرمـ.ـى البـ.ـصر.
هل هذه وجهة النظر الرسمية للحكـ.ـومة البريطانية؟
يتابع بيتر أوبورن مقاله: أدهشني رئيس الاستخبارات الخارجية البريطانية السابق السير جون ساورز كثيرًا، أثناء حديثه في برنامج «توداي» على قناة «بي بي سي»، بإبداء التعاطف مع وقـ.ـف ترامب تمويل منظمة الصحة العالمية. وقال: «هناك غضـ.ـب عميق في أمريكا حول ما يرون أنه ضـ.ـرر ألحـ.ـقته الصين بنا جميعًا، بينما تتـ.هـ.ـرب الصين من قدر كبير من المسؤولية عن أصل الفيروس، لفـ.ـشلها في التعامل معه في البداية».
في بريطانيا، يُنظر دائمًا إلى تصريحات قـ.ـادة وكالات الاستخبارات السابقين على أنها تمثـ.ـل وجهة النظر الحالية داخل الوكالة.
من ناحية أخرى، قال رئيس الوزراء البريطاني بالإنابة دومينيك راب إنه بعد الانتـ.ـهاء من «فيروس كورونا» لن يكون هناك «شك» في أن «الأمور لن تسير على النحو المعتاد» مع الصين.
واستخدمت ميلاني فيليبس، إحدى كبار كتاب الأعمدة في الصحف، والتي دأبت على انتقاد ما يسمى بـ«الإسـ.ـلام المتـ.ـطرف»، عمودها في صحيفة التايمز للتحذير من أن الغـ.ـرب لم يعد بإمكانه «غـ.ـض الطـ.ـرف» عن الصين.
رئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون في استقبال الرئيس الصيني شي جين بينج في زيارته لبريطانيا
التستُّر.. تهـ.ـمةٌ لا تلاحق الصـ.ـين وحدها
بالطبع، هناك أسباب وجيهة لانتقـ.ـاد الصين. وهناك أدلة تشير إلى أن الصين لم تتصرف بشـ.ـفافية خلال المراحل الأولى من تفـ.ـشي المرض أو تفصح عن العدد الحقيقي لحالات الإصابة لديها.
من ناحية أخرى، فإن العديد من الدول الأخرى (بما في ذلك بريطانيا) مذنـ.ـبة بالتسـ.ـتر والخـ.ـداع أيضًا.
هذا ما يجعل تغيير الأجواء بشأن الصين ملحوظًا للغاية. حتى المراكز البحثية التابعة للمحافظين الجدد، التي حرضـ.ـت ضد مظـ.ـاهر الإسـ.ـلام لفترة طويلة، وجدت خصـ.ـمًا جديدًا.
كانت جمعية هنري جاكسون HJS واحدة من أكثر المنتقدين ثباتًا لما تحب أن تصفه بـ«الإسلام الراديكـ.ـالي» أو الإسـ.ـلاموية. الآن، تتصدر الركب بسلسلة حديثة من التقارير والبرامج الإعلامية التي تهاجـ.ـم الصين. والواقع أن هجـ.ـماتهم على الصين في الأشهر الأخيرة ازدادت زيادة هائلة.
وكان آخر الأنشطة استطلاع أجرته جمعية هنري جاكسون، وشكل أساس مقال نشر في صحيفة التايمز الأسبوع الماضي، ووجد أن «أكثر من 80 في المئة من البريطانيين يريدون من بوريس جونسون الضغط من أجل تحقيق دولي حول تعامل الصين مع التفـ.ـشي الأولي لفيـ.ـروس كورونا».
وكتب جون هيمينجز، وهو زميل في جمـ.ـعية هنري جاكسون، في صحيفة تيلجراف يدعم سـ.ـحب ترامب التمـ.ـويل لمنظمة الصحة العالمية، وحذر من النفوذ الصينـ.ـي «الخبيث» المتزايد.
وأطلق ماثيو هندرسون، مدير مركز دراسات آسيا في جمعية هنـ.ـري جاكسون، سلسلة جديدة من مقـ.ـاطع الفيديو مع صحيفة «ذا صن» بعنـ.ـوان قضـ.ـايا ساخـ.ـنة Hot Takes.
الحلقة الأولى تتساءل «هل تفـ.ـشي فيروس كورونا هو تشيرنوبل الصينية؟».
كما كان تقرير لجمعية هنري جاكسون أيضًا هو الذي وفر الأساس لمقال في صحيفة «ميل أون صنداي» يقتـ.ـرح على بريطانيا ملاحقة بكين في المحـ.ـاكم الدولية، للحصول على مبلغ قدره 351 مليار جنيه إسترليني (437 مليار دولار) تعويضًا عن تفشـ.ـي المـ.ـرض.
وقام معهد جيتستون بإجراء مقارنة سافرة بين الصين والإسلام المتـ.ـطرف. ووصف المعهد على نحوٍ مثير للسخـ.ـرية تفشـ.ـي فيروس كورونا بأنه «لحظة 9/11 أخرى بالنـ.ـسبة للغرب».
يكمل الكاتب: صديقي القديم كون كوجلين، هو محرر الدفـ.ـاع والشؤون الخارجية في صحيـ.ـفة تليجراف وزميل كبير بارز في معهد جيتستون.
دعـ.ـم الرجل حـ.ـرب العراق بحماسة، وهو الآن يدعو رئيس منظمة الصحة العالمية «الموالي للصين» إلى الاسـ.ـتقالة.
تواصلت «ميدل إيست آي» مع جمـ.ـعية هنري جاكسون للحصـ.ـول على تعليق لكنها لم تتلق ردًا.
«خط الصـ.ـدع» الجديد
قد يقول البعض: إنه منذ انهـ.ـيار الاتحاد السوفييتي، كان الغـ.ـرب بحاجة إلى عـ.ـدو بديل.
عليك أن تضع في اعتبارك تحذير هنتنجـ.ـتون المتعلق بصـ.ـراع الحضارات من أن «خطوط الصـ.ـدع بين الحضارات ستكون هي خطوط معـ.ـركة المستقبل»، وهذا لا يتعلق فقط بالحضارة الإسلامية، بل حذر هنتنـ.ـجتون من حضارة «منافسة» ثانية إلى جانب الإسلام. والصين، وفقًا لهنتـ.ـنجتون، هي أقـ.ـوى تهـ.ـديد طويل الأجل للغرب.
يضيف بيتر أوبورن: لن يتغير كل شيء بين عشـ.ـية وضـ.ـحاها. أشعر أن إيران ستبقى في مرمـ.ـى البيت الأبيض، مثلما ستبقى قـ.ـوة العلاقة الشخصية بين ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيـ.ـامين نتنياهو.
ولكن ربما نكون قد وصلنا الآن إلى نهاية الفترة الطويلة التي كان فيها «خط الصـ.ـدع» الرئيسي هو: الإسـ.ـلام.
ربما يكون الغـ.ـرب قد وجد لنفسه الآن عـ.ـدوًا جديدًا. وإذا كان الأمر كذلك، يمكن للمسـ.ـلمين أن يتنفـ.ـسوا بحرية أكبر.
المصدر: ساسة بوست
هذا المقال مترجمٌ عن المصدر الموضَّح أعلاه؛ والعهدة في المعلومات والآراء الواردة فيه على المصدر لا على «ساسة بوست».